وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على كتابة الهمزة الثانية من قوله تعالى في آل عمران {أَؤُنَبِّئُكُمْ} بواو. قال أبو عمرو الداني وغيره: إنما كتبوا ذلك على إرادة تسهيل الهمزة بين بين اهـ. وكيف يكون ما أجمع عليه القراء أمما عن أمم غير متواتر. وإذا كان المد وتخفيف الهمز والإدغام غير متواتر على الإطلاق فما الذي يكون متواترا؟ أقصر آلم ودابة وأولئك الذي لم يقرأ به أحد من الناس؟ أم تخفيف همزة {آلذَّكَرَيْنِ, آللَّهُ} الذي أجمع الناس على أنه لا يجوز وأنه لحن؟ أم إظهار {مُدَّكِرٍ} الذي أجمع الصحابة والمسلمون على كتابته وتلاوته بالإدغام؟ فليت شعري من الذي تقدمه قبل بهذا القول فقفى أثره والظاهر أنه لما سمع قول الناس: إن التواتر فيما ليس من قبيل الأداء ظن أن المد والإمالة وتخفيف الهمز ونحوه من قبيل الأداء فقال غير مفكر فيه.
وإلا فالشيخ أبو عمرو لو فكر فيه لما أقدم عليه أو لو وقف على كلام إمام الأصوليين من غير مدافعة القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني في كتاب الانتصار حيث قال: جميع ما قرأ به قراء الأمصار مما اشتهر عنهم استفاض نقله. ولم يدخله في حكم الشذوذ بل رآه سائغا جائزا من همز وإدغام ومد وتشديد وحذف وإمالة أو ترك ذلك كله أو شيء منه أو تقديم أو تأخير فإنه كله منزل من عند الله تعالى ومما وقف الصحابة على صحته وخير بينه وبين غيره وصوب للجميع القراءة به قال: ولو سوغنا لبعض القراء إمالة ما لم يمله الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أو غير ذلك لسوغنا لهم جميع قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أطال -رحمه الله- الكلام على تقدير ذلك وجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أقرأ واحدا بعض القرآن بحرف وبعضه بحرف آخر على ما قد يراه أيسر على القارئ اهـ.
قلت: وظهر من هذا إن اختلاف القراء في الشيء الواحد مع اختلاف المواضع قد أخذه الصحابي كذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرأه كذلك إلى أن اتصل بالقراء.
نحو قراءة حفص مجريها بالإمالة فقط ولم يمل في القرآن غيره وقراءة ابن عامر