إبراهام في مواضع محصورة وقراءة أبي جعفر يحزن في الأنبياء فقط بضم الياء وكسر الزاي وفي باقي القرآن بفتح الياء وضم الزاي وقراءة نافع عكسه في جميع القرآن بضم الياء وكسر الزاي إلا في الأنبياء فإنه فتح الياء وضم الزاي وشبه ذلك مما يقول القراء عنه: جمع بين اللغتين.
وليت الإمام ابن الحاجب أخلى كتابه من ذكر القراءات وتواترها كما أخلى غيره كتبهم منها. وإذ قد ذكرها فليته لم يتعرض إلى ما كان من قبيل الأداء. وإذ قد تعرض فليته سكت عن التمثيل فإنه إذا ثبت أن شيئا من القراءات من قبيل الأداء لم يكن متواترا عن النبي صلى الله عليه وسلم كتقسيم وقف حمزة وهشام وأنواع تسهيله فإنه وإن تواتر تخفيف الهمز في الوقف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتواتر أنه وقف على موضع بخمسين وجها ولا بعشرين ولا بنحو ذلك. وإنما إن صح شيء منها فوجه والباقي لا شك أنه من قبيل الأداء[1].
ولما قال ابن السبكي في كتابه جمع الجوامع: والسبع متواترة قيل: فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمز ونحوه وسئل عن زيادته على ابن الحاجب قيل المقتضية لاختياره أن ما هو من قبيل الأداء كالمد والإمالة إلى آخره متواتر فأجاب -رحمه الله- في كتابه منع الموانع: أعلم أن السبع متواترة والمد متواتر والإمالة متواترة كل هذا بين لا شك فيه. وقول ابن الحاجب: فيما ليس من قبيل الأداء صحيح لو تجرد عن
قوله: كالمد والإمالة. لكن تمثيله بهما أوجب فساده كما سنوضحه من بعد فلذلك قلنا: قيل ليتبين أن القول بأن المد والإمالة والتخفيف غير متواترة [1] لعلك فهمت أن مرادهم بكلمة من قبيل الأداء ما يتصل بتقدير الأصول المتواترة. مثلا المد للهمز أصل جاء متواترا. أما تقديره بأربع حركات أو ست فليس بمتواتر, لأنه لا يسهل ضبطه. وقيل فيه بالتواتر أيضا.