قيل: هَذَا غلط، لأَنَّهُ لَمْ يكن ذلك آخر مَا أوقع اللَّه بالمشركين، لأَنَّ الفتوح حصلت بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنكاية فِي المشركين ظاهر عَلَى يدي خليفة بعد خليفة، ثُمَّ النكاية فِي الفرس والروم، وغير ذلك من أهل الكفر وجواب آخر: وَهُوَ أن فِي الخبر مَا يسقط هَذَا، وَهُوَ قوله: آخر وطئة " وذلك لا يستعمل فِي الشدة، وإنما يستعمل فِي الشدة مَا كان بالهمزة والألف، نحو قوله: " اشدد وطأتك عَلَى مضر " فإن هناك قرينة دلت عَلَى أن المراد به العذاب، وَهُوَ أَنَّهُ دعا عَلَى الكفار، ولأنه ذكر الوطأة هناك بالهمزة والألف
358 - وقد حكى ابن قتيبة هَذَا التأويل فِي مختلف الحديث، وَقَالَ فِي جوابه: لا أقضي به عَلَى مراد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنني قرأت فِي الإنجيل: أن المسيح صلوات اللَّه عَلَيْهِ قَالَ للحواريين: ألم تسمعوا أَنَّهُ قِيلَ للأولين: لا تكذبوا إِذَا حلفتم بالله، ولكن أصدقوا، وأنا أقول لكم لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي اللَّه، وَلا بالأرض فإنها موطئ قدميه، وَلا بأورشليم فإنها مدينة الملك الأكبر، وَلا تحلف برأسك فإنك لا تستطيع أن تزيد فِي شعرة سوداء وَلا بيضاء، ولكن ليكن قولكم
: نعم نعم، وَلا لا، وما كان سوى ذلك فإنه من الشيطان هذا مع حديث حدثنيه يزيد بْن عمرو قَالَ: نا عبد اللَّه بْن الزبير، قَالَ: نا عبد اللَّه بْن الحرث، عَن أَبِي بكر بْن عبد الرَّحْمَنِ، عَن كعب قَالَ: " إن وج مقدس، مِنْهُ عرج الرب إِلَى السماء يوم قضى خلق الأرض " وهذا الكلام من ابن قتيبة إقرار مِنْهُ بفساد هَذَا التأويل، وحمل الخبر عَلَى ظاهره كَمَا ذهبنا إِلَيْهِ