responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزهد نویسنده : ابن أبي الدنيا    جلد : 1  صفحه : 112
227 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: ثنا مَحْبُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ §الدَّارَ الَّتِي أَصْبَحْنَا فِيهَا دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ، وَبِالْفَنَاءِ مَوْصُوفَةٌ، كُلُّ مَا فِيهَا إِلَى زَوَالٍ وَنَفَادٍ، بَيْنَا أَهْلُهَا مِنْهَا فِي رَخَاءٍ وَسُرُورٍ، إِذْ صَيَّرَتْهُمْ فِي وَعْثَاءٍ وَوُعُورٍ، أَحْوَالُهَا مُخْتَلِفَةٌ، وَطَبَقَاتُهَا مُتَصَرِّفَةٌ، يُضْرَبُونَ بِبَلَائِهَا، وَيُمْتَحَنُونَ بِرَخَائِهَا، الْعَيْشُ فِيهَا مَذْمُومٌ، وَالسُّرُورُ فِيهَا لَا يَدُومُ، وَكَيْفَ يَدُومُ عَيْشٌ تَغَيُّرُهُ الْآفَاتُ، وَتَنُوبُهُ الْفَجِيعَاتُ، وَتَفَجَّعُ فِيهِ الرَّزَايَا، وَتَسُوقُ أَهْلُهُ الْمَنَايَا، إِنَّمَا هُمْ بِهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ، وَالْحُتُوفُ لَهُمْ مُسْتَشْرِفَةٌ، تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا، وَتَغْشَاهُمْ بِحِمَامِهَا، وَلَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ لُمُشَارِعِهِ، وَالْمُعَايَنَةِ لِفَظَائِعِهِ أَمْرٌ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَضَائِهِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ فِي إِمْضَائِهِ، فَلَيْسَ مِنْهُ مَذْهَبٌ، وَلَا عَنْهُ مَهْرَبٌ، أَلَا فَأَخْبِثْ بِدَارٍ يَقْلِصُ ظِلُّهَا، وَيَفْنَى أَهْلُهَا، إِنَّمَا هُمْ بِهَا سَفْرٌ نَازِلُونَ، وَأَهْلُ -[113]- ظَعْنٍ شَاخِصُونَ، كَأَنْ قَدِ انْقَلَبَتْ بِهِمُ الْحَالُ، وَتَنَادَوْا بِالِارْتِحَالِ، فَأَصْبَحَتْ مِنْهُمْ قِفَارًا قَدِ انْهَارَتْ دَعَائِمُهَا، وَتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهَا، وَاسْتَبْدَلُوا بِهَا الْقُبُورَ الْمُوحِشَةَ الَّتِي اسْتُوطِنَتْ بِالْخَرَابِ، وَأُسِّسَتْ بِالتُّرَابِ، فَمُحِلُّهَا مُقْتَرِبٌ، وَسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ بَيْنَ أَهْلٍ مُوحِشِينَ، وَذَوِي مَحَلَّةٍ مُتَشَاسِعِينَ، لَا يَسْتَأْنِسُونَ بِالْعُمْرَانِ، وَلَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْإِخْوَانِ، وَلَا يَتَزَاوَرُونَ تَزَاوُرَ الْجِيرَانِ، قَدِ اقْتَرَبُوا فِي الْمَنَازِلِ، وَتَشَاغَلُوا عَنِ التَّوَاصُلِ، فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ جِيرَانَ مَحَلَّةٍ لَا يَتَزَاوَرُونَ عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِوَارِ وَتَقَارُبِ الدِّيَارِ، وَأَنَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ وَقَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَى، وَأَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَالثَّرَى، وَصَارُوا بَعْدَ الْحَيَاةِ رُفَاتًا، قَدْ فُجِعَ بِهِمُ الْأَحْبَابُ، وَارْتُهِنُوا فَلَيْسَ لَهُمْ إِيَابٌ، وَكَأَنْ قَدْ صِرْنَا إِلَى مَا إِلَيْهِ صَارُوا، فَنُرْتَهَنُ فِي ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، وَيَضُمُّنَا ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ، نُؤْخَذُ بِالْقَهْرِ وَالِاعْتِسَارِ، وَلَيْسَ يَنْفَعُ مِنْهُ شَفَقُ الْحِذَارِ، وَالسَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَتَبْتَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: لَمْ أَقْدِرْ لَهُ عَلَى جَوَابٍ

نام کتاب : الزهد نویسنده : ابن أبي الدنيا    جلد : 1  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست