بالندماء [1] ، وأرباب اللهو والخلاعة: لقد فعلت الليلة الماضية كذا وكذا. فانتهكت عرضا، وشربت خمرا، ولعبت ميسرا. وكانت ليلة ساهرة وصيدة طيبة ... إلخ.
فينزع ستر الله عنه، ويكشف للناس عن نفسه المجرمة، وفعلته المنكرة، ويذيع السوء عن شريكه أو شركته فيتأثر بروايته وقصته الذين في قلوبهم مرض، ويبغون ليلة كليلته، وسهرة كسهرته. هذا هو الأحمق السفيه؛ وهذا هو الماجن [2] الأفين [3] ؛ وهذا عدو نفسه؛ وهذا من شياطين الإنس؛ الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا؛ ويقص باطلا وزورا. فهذا لا ريب من المجاهرين؛ فليس من المعافين أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا- حرموا الثواب- بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ، وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ [4] .
فالتزم أخي سواء السبيل، وإياك والعصيان. وحذار حذار الإجهار والمجانة والإهتار. فإن زللت فاستر على نفسك؛ عسى الله أن يعفو عنك. إن تبت وأنبت، وعلى صراط الحق استقمت.
وفي حديث ابن عمر: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها؛ فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله- أخرجه الحاكم [5] ورواه مالك في الموطأ من مرسل زيد بن أسلم. والله يقينا وإياك الزلل ويهديناا إلى أحسن العمل.
57- باب: التواضع والكبر
عن حارثة بن وهب الخزاعي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بأهل الجنّة: كلّ ضعيف متضعّف» ، وفي رواية: «متضاعف» ، وفي أخرى:
«مستضعف، لو أقسم على الله لأبرّه ألا أخبركم بأهل النّار: كلّ عتل جوّاظ [1] ج نديم: المصاحب على الشراب المسامر. [2] الماجن: مجن: قلّ حياؤه ولم يبال بما يصنع. [3] الأفين: أفن الرجل: نقص عقله. [4] سورة الأنعام، الآية: 70. [5] رواه الحاكم (4/ 244) .