نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 237
كل حال. ومعرفة الله تعالى كذلك عامة، وهي علمه بعباده واطلاعه على أعمالهم وخاصة وهي محبته لعبده وتقريبه إليه وإجابة دعائه وإنجاؤه من الشدائد، فلا يظفر بهذه الخاصة إلا من تحلى بتلك الخاصة (واعلم أن ما
أخطأك) من المقادير فلم يصل إليك (لم يكن) مقدراً عليك (ليصيبك) أي: محال أن يصيبك لأنه بان بأنه أخطأك أنه مقدر على غيرك. وفيه مبالغة من وجوه من حيث دخول اللام المؤكدة للنفي على الخبر وتسليط النفي على الكينونة وسرايته في الخبر (وما أصابك) منها (لم يكن) مقدراً على غيرك (ليخطئك) وإنما هو مقدر عليك إذ لا يصيب الإنسان إلا ما قدر عليه، ومعنى ذلك أنه فرغ مما أصابك وأخطأك من خير أو شرّ، فما إصابته لك محتومة لا يمكن أن يخطئك، وما أخطأك فسلامتك منه محتومة فلا يمكن أن يصيبك لأنها سهام صائبة وجهت من الأزل فلا بد أن تقع مواقعها، وما أحسن ما قيل:
جرى قلم القضاء بما يكون
فسيان التحرك والسكون
فلم يبق سوى التوكل على الله سبحانه والسكون تحت جري المقادير، وما أحسن ما قيل:
ولما رأيت القضا جارياً
بلا شك فيه ولا مرية
توكلت حقاً على خالقي
وأسلمت نفسي مع الجرية
ففي الحديث تقرير وحضّ على تفويض الأمور كلها إلى الله تبارك وتعالى مع شهود أنه الفاعل لما يشاء، وأن ما قضاه وأبرمه لا يمكن أن يتعدّى حدّه المقدر له، وهذا راجع إلى قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبزأها} (الحديد: 22) ثم مدار هذه الوصية على هذا الأصل إذ ما قبله وما بعده مفرع عليه وراجع إليه، فإن من علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب له وأن اجتهاد الخلق كلهم بخلاف المقدور لا يفيد شيئاً البتة علم أن الله وحده هو الضارّ النافع فأفرده بالطاعة وحفظ حدوده وخافه ورجاه وأحبه، وأفرده بالاستعانة والسؤال له والتضرّع إليه والرضا بقضائه في حالة الشدة والرخاء (واعلم) تنبيه على أن شأن هذه الدار لاسيما مع الصالحين الأخيار كثرة الأعراض والأنصاب، فينبغي الصبر للظفر بجزيل الثواب والرضا بالقضاء والقدر (أن النصر) من الله
نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 237