نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 238
للعبد على جميع أعداء دينه ودنياه كائن (مع الصبر) على طاعة الله وعن معصيته، وقيل: الصبر على نكياتهم وعدم انتصار مثهم لنفسه (وأن الفرج) وهو كما في «الصحاح» : الخروج من الغمّ اهـ حاصل سريعاً (مع الكرب) هو الغم الذي يأخذ بالنفس فلا دوام للكرب، وحينئذٍ فينبغي لمن نزل به ذلك أن يكون صابراً محتسباً راجياً سرعة الفرج مما نزل به حسن الظن بمولاه في جميع أموره، فإنه أرحم به من كل راحم إذ هو أرحم الراحمين (وأن مع العسر يسرا) كما نطق به قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} (الشرح: 5، 6) ومن ثم ورد عنه «لن يغلب عسر يسرين» أي: لأن النكرة إذا كررت كانت الثانية غير الأولى، والمعرفة إذا أعيدت كانت الثانية عين الأولى غالباً فيهما، وليست الآية من غير الغالب خلافاً لمن فهم ذلك فقال: وفي الآية عسران: أيضاً عسر الدنيا ومعه يسر، وعسر الآخرة ومعه يسر، ولا ينافي وقوع العسر لنا، كما صرحت به هذه الآية عدم وجود وقوعه كما صرح به قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر
ولا يريد بكم العسر} (البقرة: 185) لاختلاف المراد بالعسرين، لأن المثبت هو العسر في العوارض الدنيوية التي تطرق العبد بما لا يلائم نفسه كضيق الأرزاق ونحوها، والمنفي هو العسر بالتكليف بالأحكام الشاقة كما قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} (الحج: 78) ثم اليسر السهولة، ومنه اليسار لأنه تسهل به الأمور، والعسر نقيضه. وفي «الصحاح» : كل ثلاثي أوله مضموم ووسطه ساكن فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه. وما تقرر في «مع» في محالها الثلاث من أنها على بابها هو الظاهر إذ أواخر أوقات الصبر والكرب والعسر هي أول أوقات النصر والفرج واليسر، فقد تحققت المقارنة بينها. ومن لطائف اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر أن الكرب إذا اشتد وتناهى أيس العبد من جميع المخلوقين وتعلق قلبه با وحده وهذا هو حقيقة التوكل، وقد قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} (الطلاق: 3) والحديث بطريقيه أصل عظيم في مراقبة الله ومراعاة حقوقه والتفويض لأمره والتوكل عليه وشهود توحيده وتفرده وعجز الخلائق كلهم وافتقارهم إليه.
نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 238