سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معاً، وهكذا أدب الدعاء، وأدب العبودية" [1] .
والمقصود من الحديث في هذا الباب أن المدعو لا بد أن يكون سميعاً يسمع دعوة الداعي إذا دعاه، بصيراً بحاله فيوصل إليه ما طلب بقدرته، وإلا تكون دعوته ضلال وسدى، ففي الدعاء واستجابة الله، -تعالى- لعبده الداعي برهان على أنه سميع، بصير، قادر، حي، عليم، وقد قال الله -تعالى- فيمن يدعو من لا يسمع ولا يبصر: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {5} وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (2)
وقال -تعالى- عن خليله إبراهيم في دعوته لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا} [3] .
" وقد قال ابن عقيل: قد ندب الله -تعالى- إلى الدعاء، وفي ذلك معان:
أحدها: الوجود، فإن من ليس بموجود لا يدعى.
الثاني: الغنى، فإن الفقير لا يدعى.
الثالث: السمع، فإن الأصم لا يدعى.
الرابع: الكرم، فإن البخيل لا يدعى.
الخامس: الرحمة، فإن القاسي لا يدعى.
السادس: القدرة، فإن العاجز لا يدعى.
(1) "الوابل الصيب" (ص118) .
(2) الآيتان 5، 6 من سورة الأحقاف. [3] الآية 42 من سورة مريم.