37-قال: " حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، أخبرنا قتادة، قال: سمعت أنساً - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ما من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب، إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: كافر".
الإنذار: هو الإخبار مع التخويف، وفي قوله: " ما من نبي " عموم يشمل جميع النبيين، وهو يدل على عظم فتنته وخطره.
وقوله: " الأعور الكذاب" تقدم أن الأعور: من عميت إحدى عينيه بآفة، فأصبح لا يرى إلا بعين واحدة.
ووصف بأنه الكذاب؛ لعظم كذبه، حيث يزعم أنه رب الناس، مع ظهور كذبه، وهو يتدرج في كذبه، فأولا: يدعي أنه مصلح، ثم يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه إله، وهذا أعظم الكذب، وأبينه.
وقد عين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عينه العوراء، أنها اليمنى، كما في حديث عبد الله ابن عمر، الذي قبل هذا وغيره.
واعلم أن المتكلمين من المعتزلة، والأشعرية، ونحوهم، يزعمون أن من أثبت لله عينين، ويدين، ووجهاً، ونحو ذلك مما جاءت به النصوص، من أثبت ذلك على ظاهر اللفظ، أنه يثبت جوارح، تشبه جوارح الخلق على حد زعمهم، تعالى الله وتقدس عن زعمهم، وظنهم السيء في الله ورسوله، حيث ظنوا أن ظاهر وصف الله نفسه، وظاهر وصف رسوله إياه يقتضي التشبيه، ولهذا تجد الذين تلقوا هذا الفكر، وتأثروا به، من الذين يشتغلون بالحديث، إذا جاء ذكر ذلك قالوا: مثلاً: إثبات صفة اليد لا من حيث الجارحة، إثبات صفة الوجه لا من حيث الجارحة، ونحو ذلك كما يقوله البيهقي في كتابه " الأسماء