والصفات" وسائر شراح الحديث الذين لا يجرؤون على رد النصوص، فهم عندما يتكلمون على مثل هذه النصوص يبادرون إلى نفي الجارحة، كما قال بعض زعمائهم ما يلي:
"زعم قوم، أن لله عينا، يريدون: كجارحة العين من الإنسان، وأرادوا التركيب، واحتجوا بقوله -تعالى-: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [1] ، و {اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [2] ، و {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [3] .
قال أبو سعيد الدارمي - رحمه الله تعالى - في الرد عليه: " أما ما ادعيت أن قوماً يزعمون أن لله عيناً، فإنا نقوله؛ لأن الله -تعالى- قاله، ورسوله.
وأما زعمك أنهم يثبتون جارحة كجارحة العين من الإنسان، على التركيب، فهذا كذب، ادعيته علينا عمداً، وأنت تعلم أن أحداً لم يقله، ولكنك تريد التشنيع، ليكون هنالك مقبولاً لدى الجهال، والكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، فمن الذي قال: إنها جارحة مركبة؟ اذكره، فإن قائله كافر.
وكم تشنع بما تقرر من قولك: جسم مركب، وجوارح، وأجزاء، وأبعاض، تريد أن يكف المؤمنون، عن وصف الله -تعالى- بما وصف به نفسه في كتابه، وما وصف به رسوله.
ونحن لم نصف الله بجسم كأجسام المخلوقين، ولا بعضو، ولا بجارحة، لكنا نصفه بما يغيظك من هذه الصفات، التي أنت ودعاتك لها منكرون، فنقول: إنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير" [4] . [1] جزء من الآية 39 من سورة طه. [2] جزء من الآية 37 من سورة هود. [3] الآية 48 من سورة الطور. [4] نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي، بتصرف (ص545-546) " عقائد السلف".