وقوله: " إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور" اشتملت هذه الجملة على تأكيد وصف الدجال الكذاب، بأنه أعور العين، أي أنه ناقص، معيب، قد لحقه الضر لفقد إحدى عينيه، فمثله محال أن يكون إلهاً، لأنه فقير محتاج إلى غيره، بالإضافة إلى النقص والعيب الذي فيه، وقد جاء بأعظم الكذب والبهتان، حيث ادعى أنه إله، يتوجه إليه، بطلب الإسعاد، وصرف الشقاء.
كما اشتملت هذه الجملة من الحديث على وصف الله -تعالى- بكمال العينين، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: " وإن ربكم ليس بأعور".
فهذا بيان واضح بوصف الله -تعالى- بأن له عينين كاملتين، على ما يليق بعظمته.
قال النووي: " هذه علامة بينة تدل على كذب الدجال، دلالة قطعية، بديهية، يدركها كل أحد" [1] .
قوله: " مكتوب بين عينيه كافر" وفي رواية: " يقرأه كل مؤمن، كاتب، وغير كاتب".
قال النووي: " والصحيح الذي عليه المحققون: أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقية، جعلها الله آية، وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره، وكذبه وإبطاله، يظهرها الله -تعالى- لكل مسلم كاتب، وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك " [2] .
وهذا من رحمة الله بعباده، حيث أظهر علامات كذبه، إظهاراً لا يخفى إلا على من أريد فتنته، وعمي قلبه، وأشرب بحب الباطل، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
(1) "شرح مسلم " (18/60) .
(2) "شرح مسلم " (18/60) .