كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} [1] ، وقال -تعالى- عن الطاغية الجبار: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [2] ، وقال -تعالى-: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} [3] ، وقال -تعالى- عن نبيه يونس عليه السلام: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [4] ، وهذا كثير في القرآن، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من ذلك.
قوله: " لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش الكريم" هذا تكرير للتوسل إلى الله -تعالى- بألوهيته، وربوبيته، فبدأ بما يدل على إخلاص التأله له -تعالى-، ثم توسل باسميه الكريمين: العليم والحليم، ثم بأنه رب العرش العظيم، ثم بأنه رب السماوات والأرض، ورب العرش الكريم.
فاشتمل هذا الدعاء العظيم على التوجه إلى الله -تعالى- بأنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الإلهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
والربوبية نوعان: عامة، وخاصة، فهو -تعالى- رب كل شيء ومليكه، المتصرف فيه كيف يشاء، وهو القائم على كل مخلوق بما يصلحه، ويربيه، {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} ، وقد جمع النوعين في هذا الحديث، فتوسل بأنه رب
العرش العظيم الكريم، وبأنه رب السماوات والأرض، والرب هو: المالك المتصرف، القائم على كل مربوب بما يحتاجه من تربية في شؤون حياته كلها.
والمقصود من الحديث: قوله: " رب العرش العظيم" وقوله: " رب العرش [1] الآيتان 63 و 64 من سورة الأنعام. [2] الآية 90 من سورة يونس. [3] الآية 8 من سورة الزمر. [4] الآية 87 من سورة الأنبياء.