الكريم" وكلاهما وصف للعرش، وصف بأنه عظيم، وبأنه كريم، والعظمة تدل على الكبر، والسعة، والكرم يدل على الحسن، والجمال، والسعة أيضاً.
قال الكرماني: "وصف العرش بالعظمة، هو من جهة الكمية، وبالكرم، أي: الحسن من جهة الكيفية، فهو ممدوح ذاتاً وصفة، وخص بالذكر لأنه أعظم أجسام العالم، فيدخل الجميع تحته دخول الأدني تحت الأعلى، وذكر لفظ " الرب" من بين سائر الأسماء الحسنى؛ ليناسب كشف الكروب، الذي هو مقتضى التربية، ولفظ "الحليم"؛ لأن كرب المؤمن غالباً إنما هو على نوع تقصير أو غفلة في الطاعات" [1] .
وربوبيته -تعالى- للعرش، مع وصفه بأنه عظيم وكريم، تفيد تخصيصاً له عن غيره من السماوات والأرض، وذلك لأنه قد خصه بقربه، واستوائه -تعالى- عليه، ذكر شيخ الإسلام، عن أبي عمرو الطلمنكي – وهو من أئمة أهل السنة – أنه قال: " وأجمعوا – يعني أهل السنة والجماعة – على أن لله عرشاً، وعلى أنه مستوٍ على عرشه، وعلمه، وقدرته، وتدبيره بكل ما خلقه.
قال: فأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [2] ، ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السماوات بذاته مستو على عرشه، كيف شاء. قال: وقال أهل السنة في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [3] : الاستواء من الله -تعالى- على عرشه المجيد، على الحقيقة، لا على المجاز. واستدلوا بقول الله -تعالى-: {فإذا استويت أنت ومن معك على
(1) "شرح الكرماني على البخاري" (21/149) . [2] الآية 4 من سورة الحديد. [3] الآية 5 من سورة طه.