السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته} [1] .
فلو كان موجب العندية معنى عاماً، كدخولهم تحت قدرته، ومشيئته، ونحو ذلك، لكان كل مخلوق عنده، ولم يكن أحد مستكبراً عن عبادته.
وأما الأحاديث، والآثار عن الصحابة، والتابعين فلا يحصيها إلا الله -تعالى-.
فلا يخلو أن يكون ما اتفقت عليه هذه النصوص، من إثبات علو الله -تعالى- على خلقه هو الحق، أو الحق نقيضه، إذ الحق لا يخلو عن النقيضين.
فإذا كان نفي العلو هو الحق، فمعلوم أن القرآن لم يبين هذا، لا نصاً، ولا مفهوماً، وكذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحد من الصحابة وأتباعهم، ولا أحد من أئمة المسلمين، ولا يمكن أحد أن ينقل عن واحد منهم شيئاً من ذلك، بل نقيضه هو المستفيض عنهم، كما هو الموافق للكتاب والسنة.
ويلزم على ذلك أن يكون الله ورسوله والمؤمنون، لم ينطقوا بالحق في هذا الباب، بل تكلموا بما يدل على الضلال، إما نصاً، أو ظاهراً.
فإن قيل: هذه النصوص ما أريد بها إثبات علو الله على خلقه، وإنما أريد بها علو المكانة والقدر.
قيل: فكان يجب على المتكلم بها أن يبين للناس الحق، الذي يجب أن يؤمن به ويعتقد، ظاهراً وباطناً، وأنه لم يرد بهذا الكلام مفهومه، ومقتضاه.
فإن قيل: إنه تكلم بالمجاز، المخالف للحقيقة.
قيل: من المعلوم باتفاق العقلاء: أن المخاطب المبين إذا تكلم بمجاز، فلا بد أن يقرن بخطابه ما يدل على إرادة المعنى المجازي، فإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- [1] الآية 19 من سورة الأنبياء.