وقوله –تعالى-: "الصمد" يتضمن إثبات جميع صفات الكمال، فالنقائص منتفية عن الله- تعالى-، وكل ما يختص له المخلوق فهو من النقائص التي تنزه ربنا عنها – جلا وعلا-.
وأما ما يوصف به العبد من بعض الكمالات، مثل العلم، والقدرة، والرحمة، ونحو ذلك، فالذي يثبت لله –تعالى- من هذه المعاني يكون على وجه لا يقاربه فيه أحد من الخلق، فضلاً عن أن يماثله فيه.
وقد ثبت أن ما خلقه الله في الجنة من المآكل وغيرها، لا يماثل ما خلقه في الدنيا، وإن اتفقا في الاسم، مع أن كليهما مخلوق، فالخالق- تعالى وتقدس-، أبعد عن مماثلة المخلوقات.
والمعنى الصحيح الذي هو نفي المثل، والشريك، والند، قد دل عليه قوله- سبحانه-: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [1] ، وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [2] .
وقوله-تعالى-: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [3] ، وأمثال ذلك، فالمعاني الصحيحة لصفات الله نفياً وإثباتاً، ثابتة بالكتاب والسنة، والعقل يدل على ذلك. وقول بعض أهل الكلام: الأحد، والصمد، هو الذي لا ينقسم، ولا يتفرق، أو ليس بمركب، ونحو ذلك من العبارات، إن عني بها أنه لا يقبل التفرق والانقسام فهو حق، وإن عني بها أنه لا يشار إليه بحال، فهذا يمتنع وجوده، وإنما يقدر وجوده في الذهن تقديراً.
وقد علمنا أن العرب حين أطلقوا لفظ الواحد والأحد، نفياً وإثباتاً، لم يريدوا هذا المعنى.
ولهذا لما قالوا الذين جادلوا الإمام أحمد، في نفي الصفات-مستدلين باسم الواحد-: لا تكونون موحدين أبداً حتى تقولوا: كان الله ولا شيء. [1] الآية 4 من سورة الإخلاص. [2] الآية 1 من سورة الإخلاص. [3] الآية 65 من سورة مريم.