قال أحمد: "قلنا: نحن نقول: كان الله ولا شيء، ولكن إذا قلنا: إن الله لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نصف إلهاً واحداً؟
وضربنا لهم في ذلك مثلاً، فقلنا: أخبرونا عن هذه النخلة، أليس لها جذع، وكرب، وليف، وسعف، وخوص، وجمار؟ واسمها شيء واحد؟ سميت نخلة بجميع صفاتها؟ فكذلك الله-وله المثل الأعلى- بجميع صفاته إله واحد.
ولا نقول: إنه كان في وقت من الأوقات ولا قدرة له، حتى خلق لنفسه قدرة، أو كان ولا علم له، حتى خلق له علماً، ولكن نقول: لم يزل عالماً، قادراً، مالكاً، لا متى، ولا كيف" انتهى [1] .
وقال أيضاً: "ودل قوله-تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {[1]} اللَّهُ الصَّمَدُ} [2] على أنه لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ولهذا فسر الصمد بأنه الذي لم يلد، ولم يولد.
فإن الصمد: هو الذي لا جوف له، ولا أحشاء، فلا يدخل فيه شيء؛ فلا يأكل ولا يشرب، كما قال –تعالى-: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ} [3] ، وفي قراءة بفتح الياء الأخيرة".
وفسر بعض السلف "الصمد" بأنه الذي لا يخرج منه شيء، وليس مرادهم أنه لا يتكلم، فإنه يقال في الكلام: خرج منه، كما في الحديث: "ما تقرب
(1) "مجموع الفتاوى" (17/449) ، وانظر: رد الإمام أحمد، في "مجموع عقائد السلف" (ص91) . [2] الآيتان1-2من سورة الإخلاص. [3] الآية 14من سورة الأنعام.