ومتنيهما، وإن رأيت اختلافاً في نفس الحديث فذلك من تشعب طرق الأحاديث،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، ومنها: كتاب النهاية في غريب الحديث، وكتاب الشافي في شرح مسند الإمام الشافعي، وغير ذلك من التصانيف، وكانت ودلاته بجزيرة ابن عمر في أحد الربيعين سنة 544هـ، ونشأ بها ثم انتقل إلى الموصل، ثم عرض له مرض كف يديه ورجليه فمنعه من الكتابة مطلقاً، وقام في داره يغشاه الأكابر والعلماء - انتهى مختصراً، وهو أخو عزالدين بن الأثير الجزري صاحب الكامل في التاريخ، وأسد الغابة في معرفة الصحابة. (ومتنيهما) عطف بيان، قال القاري: وإنما لم يكتف بهما لأنه ربما يحتمل أن يتوهم أن تتبعه واستقراءه غير تام، فإذا وافق الحميدي وصاحب جامع الأصول يصير الظن قوياً بصحة استقرائه للموافقة، ولو اكتفى بتتبع الجمع بين الصحيحين وجامع الأصول لاحتمل وقوع القصور في استقرائهما، فبعد اتفاق الأربعة يمكن الحكم بالجزم على سهو البغوي - انتهى. وتوضيح الكلام في هذا المقام أن المصنف يقول: قد تقرر أن ما أورده الشيخ محي السنة من الأحاديث في القسم الأول فهو من الشيخين منهما أو من أحدهما، وما أورده في القسم الثاني فهو من غيرهما من الأئمة المذكورين، وقد يذكر الشيخ حديثاً في الأول ونسبته أنا إلى غير الشيخين، وذلك مذكور في مواضع، كما في الفصل الأول من باب سنن الوضوء، ومن باب فضائل القرآن، ومن باب السلام من كتاب الآداب وغيرها، ونسبت بعض أحاديث القسم الثاني إلى الشيخين، كما في الفصل الثاني من باب ما يقرأ بعد التكبير، وباب الموقف وغيرهما، فاعلم أن عذري في ذلك ودليلي عليه أني تتبعت كتابين جمع فيهما أحاديث الشيخين، أحدهما كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي، والثاني: جامع الأصول لابن الأثير الجزري، ولم أقتصر في معرفة أحاديث الشيخين على تتبع هذين الكتابين، بل اعتمدت على صحيحي الشيخين ومتنيهما أي أصل كتابيهما ونفسيهما دون الجمع بين الصحيحين، وجامع الأصول المشتملين عليهما المغايرين لهما كالشرحين لهما، فما وجدت من الأحاديث للشيخين في الكتابين المذكورين وفي أصلي صحيحيهما نسبتها إليهما، وما لم أجد لم أنسب إليهما، وإن كان مخالفاً لما ذكره الشيخ محي السنة، وهذا ادعاء منه كمال التتبع والتصفح لأحاديث الشيخين، يعني لو اقتصرت على تتبع الكتابين وقلت: ليس هذا الحديث للشيخين لكان لقائل أن يقول: لعله يكون في متني صحيحيهما، ووقع القصور في استقراء الحميدي والجزري، ولو اقتصرت على متني صحيحيهما يقال: لعله يوجد في كتابي الجمع بين الصحيحين وجامع الأصول، ووقع القصور في استقراء المصنف وتتبعه، فتتبعت الكل ليحصل الوثوق والاعتماد في هذه النسبة على وجه الكمال، أي ويقع الجزم بسهو الشيخ في المصابيح بلفظ، وأنا أوردته في المشكاة بلفظ آخر مخالفاً للفظه في المصابيح (فذلك) أي الاختلاف ناشئ (من تشعب طرق الأحاديث) أي اختلاف أسانيدها وتعددها، إذ كثيراً ما يقع للشيخين وغيرهما سوق الحديث الواحد من عدة طرق بألفاظ مختلفة، فاللفظ الذي أورده الشيخ لعله جاء بطريق، واللفظ الذي أوردته جاء من طريق آخر، لما كان ههنا محل أن يقال: