ولعلي ما اطلعت على تلك الرواية التي سلكها الشيخ - رضي الله عنه - وقليلاً ما تجد أقول "ما وجدت هذه الرواية في كتب الأصول"، أو "وجدت خلافها فيها"، فإذا وقفت عليه فانسب القصور إلى لقلة الدراية، لا إلى جناب الشيخ - رفع الله قدره في الدارين -، حاشا لله من ذلك، رحم الله من إذا وقف على ذلك نبهنا عليه، وأرشدنا طريق الصواب، ولم آل جهداً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلم لم تورد بلفظ الشيخ، ولم اخترت هذا اللفظ؟ قال في جوابه: (ولعلي ما اطلعت على تلك الرواية التي سلكها الشيخ) أي اختارها وأوردها في مصابيحه، فلما لم أطلع عليها كيف أوردها. أي فآتي باللفظ الذي وقفت عليه (وقليلاً ما) زيادة "ما" لتأكيد القلة ونصب "قليلاً" على المصدرية لقوله (أقول) أي وتجدني أقول قولاً قليلاً ما، في أي غاية من القلة، والمقول قوله (ما وجدت هذه الرواية) التي أوردها الشيخ في المصابيح مثلاً (في كتب الأصول) ، المراد بها كتب أئمة المحدثين ومؤلفاتهم التي هي أصول الروايات ومعادنها والعمدة في هذا الباب (ووجدت) من جملة المقول، أو للتنويع (خلافها فيها) أي خلاف هذه الرواية في الأصول (فإذا وقفت عليه) أي على قولي هذا، فالضمير راجع إلى المصدر المفهوم من قوله "أقول"، (فأنسب) بضم السين أي مع هذا (القصور) أي التقصير في التتبع (إلى لقلة الدراية) أي درايتي وتتبع روايتي، (لا) أي لا تنسب القصور (حاشا لله) أي تنزيهاً لله (من ذلك) أي من نسبة القصو إلى الشيخ. قال بعضهم: "حاشا" حرف جر وضعت موضع التنْزيه والبراءة، وفي مغني اللبيب: الصحيح أنها اسم مرادف للتنْزيه من كذا، وحينئذٍ قوله (لله) بيان للمنَزه والمبرأة، كأنه قال: "براءة وتنْزيه"، ثم قال "لله" بياناً للمبرأ والمنَزه، فلامه كاللام في "سقيا لك"، فعلى هذا يقال: معنى عبارة المشكاة أن الشيخ مبرأ ومنَزه عن قلة الدراية، ثم أتى لبيان المنَزه والمبرأة بقوله "لله"، وكان الظاهر أن يقول "الله" بلا لام، وكأنها لإفادة معنى الاختصاص، فكأنه يقول: تنْزيهه مختص لله، وله أن ينَزهه، وليس لغيره ذلك، ويحتمل أن يكون التقدير: وأقول في حقه التنْزيه لله لا لأمر آخر، وقيل "حاشا" فعل، وفسر الآية أي قوله تعالى: {حاش لله} في سورة يوسف بأن معناها جانب يوسف الفاحشة لأجل الله، وعلى هذا يرجع عبارة المشكاة إلى أنه جانب الشيخ ذلك القصور لأجل الله، لا لغرض آخر، أو قولنا في حقه "حاشا" إنما هو لله لا لأمر آخر، وقيل معناه: معاذ الله، فمراد المصنف أن ما قلت في شأن الشيخ قلت خالصاً لوجه الله، لا لغرض آخر؛ لأني أعوذ بالله من غرض آخر، (إذا وقف على ذلك) أي على ما ذكر من الرواية التي أوردها الشيخ ولم أجدها في الأصول (طريق الصواب) أي إليه بنسبة الرواية وتصحيحها إلى الباب والكتاب إما بالمشافهة حال الحياة، أو بكتابة حاشية أو شرح بعد الممات، (ولم آل) بمد الهمزة وضم اللام من ألا يألو في الأمر إذا قصر (جهداً) بالضم المشقة، أي لم أترك سعياً واجتهاداً، فيكون منصوباً