في التنقير والتفتيش بقدر الوسع والطاقة، ونقلت ذلك الاختلاف كما وجدت، وما أشار إليه - رضي الله عنه - من غريب أو ضعيف أو غيرهما بينت وجهه غالباً، وما لم يشر إليه مما في الأصول فقد قفيت في تركه إلا في مواضع لغرض، وربما تجد مواضع مهملة وذلك حيث لم أطلع على راويه فتركت البياض، فإن عثرت عليه فألحقه به - أحسن الله جزاءك -، وسميت الكتاب بمشكاة المصابيح، وأسأل الله التوفيق والإعانة والهداية والصيانة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على المفعولية لتضمين الألو معنى الترك، أو لم أقصر لكم في السعي والاجتهاد، فيكون منصوباً بنَزع الخافض، أو هو منصوب على أنه حال أو تمييز (في التنقير) أي البحث والتجسس عن طرق الأحاديث، واختلاف ألفاظها في كتب الأصول (والطاقة) عطف بيان (ونقلت ذلك الاختلاف كما وجدت) أي بعد بذل السعي الموفور في المطابقة بين أحاديث المصابيح، وأحاديث الكتب الستة حيث بقي الاختلاف نقلت ذلك الاختلاف كما وجدت في الأصول بلا زيادة ونقصان وتغيير لإظهار أصل الحال، كما أقول "ما وجدت هذه الرواية في كتب الأصول، أو وجدت خلافها" وأنا أنسب القصور في التتبع إلي لا إلى صاحب المصابيح (وما أشار إليه) الشيخ محي السنة (من غريب) بيان لما أي من حديث غريب (أو غيرهما) اعتباراً لا حقيقة من نحو منكر أو شاذ أو معلل (بينت وجهه) أي وجه غرابته أو ضعفه أو نكارته، وذلك ما ينقل المؤلف عن الأئمة كلاماً يحكم فيه بضعف الحديث أو غرابته مثلاً (غالباً) أي في أكثر المواضع، ولعل ترك التبيين في بعض المواضع لعدم الاطلاع على وجه ما أشار إليه البغوي من غرابة الحديث أو ضعفه أو لأمر آخر (وما لم يشر) أي الشيخ البغوي (إليه مما في الأصول) أي مما أشير إليه من المنقطع والموقوف والمرسل في جامع الترمذي، وسنن أبي داود، والبيهقي، وهو كثير (فقد قفيته) بالتشديد أي اتبعته تاسياً به، قال في مختصر النهاية: قفيته وأقفيته: تبعته واقتديت به (في تركه) أي في ترك الإشارة (إلا في مواضع) قليلة أبينها (لغرض) وذلك أن بعض الطاعنين أفرزوا أحاديث من المصابيح ونسبوها إلى الوضع، ووجدت الترمذي صححها أو حسنها، وغير الترمذي أيضاً كما تقدم التنبيه على ذلك فبينته لرفع تهمة الوضع منها، ومن الغرض أيضاً، كما قال الطيبي: إن الشيخ شرط في خطبة المصابيح أنه أعرض عن ذكر المنكر وقد أتى في كتابه بكثير منه وبين في بعضها كونه منكراً وترك في بعضها، فبينت أنه منكر إظهار للواقع (وربما تجد) في المشكاة (مواضع مهملة) أي غير مبين فيها ذكر مخرجيها (وذلك) الإهمال وعدم التبيين (حيث لم أطلع على راويه) أي مخرجه (فتركت البياض) أي عقب الحديث، دلالة على ذلك (فإن عثرت عليه) أي على مخرجه (فألحقه) أي ذكر المخرج (به) أي بذلك الحديث، واكتبه في موضع البياض، ونحن نذكر أسماء المخرجين في مواضع البياض حسب ما يتيسر لنا، إن شاء الله تعالى (وسميت الكتاب بمشكاة المصابيح) قال الطيبي: روعي المناسبة بين الاسم والمعنى، فإن المشكاة يجتمع فيها الضوء فيكون أشد