على رغم أنف أبي ذر)) ، وكان أبوذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر، متفق عليه.
27- (26) وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
توبة في النار (على رغم أنف أبي ذر) بفتح الراء وضمها وكسرها - أي كراهة منه (وإن رغم أنف أبي ذر) بكسر الغين وقيل بالفتح والضم، أي لصق بالرغام - بفتح الراء - وهو التراب، ويستعمل مجازاً بمعنى كره أو ذل، إطلاقاً لاسم السبب على المسبب، وأما تكرير أبي ذر فلاستعظام شأن دخول الجنة مع اقتراف الكبائر وتعجبه منه؛ وذلك لشدة نفرته من معصية الله تعالى وأهلها، وأما تكريره - صلى الله عليه وسلم - فلإنكار استعظامه وتحجيره واسعاً، أي أتبخل يا أباذر برحمة الله، فرحمة الله واسعة على خلقه وإن كرهت ذلك، وأما حكاية أبي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رغم أنف أبي ذر فللتشرف والافتخار (متفق عليه) أخرجه البخاري في اللباس، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أحمد (ج5: ص166) وابن حبان وغيرهما أيضاً.
27- قوله: (وأن عيسى عبد الله) قال النووي: هذا حديث عظيم الموقع، وهو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد، فإنه جمع فيه ما يخرج عنه جميع ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم، وقال الطيبي: في ذكر عيسى تعريض بالنصارى وإيذان بأن إيمانهم مع قولهم بالتثليث شرك محض، وكذا قوله (عبده ورسوله) تعريض باليهود في إنكارهم رسالته وانتمائهم إلى ما لا يحل من قذفه أمه (وابن أمته) تعريض بالنصارى وتقرير لعبديته، أي هو عبدي وابن أمتي، كيف ينسبونه إلى البنوة؟ وتعريض باليهود ببراءة ساحته من قذفهم، فالإضافة في أمته إذاً للتشريف، (وكلمته) إشارة إلى أنه حجة الله على عباده، أبدعه من غير أب، وأنطقه في غير أوانه، وأحيى الموتى على يده، فالإضافة للتشريف، وقيل: سمي بكلمة الله لأنه أوجده بقوله {كن} ، فلما كان بكلامه سمي به، وقيل لما انتفع بكلامه سمي به، كما يقال: فلان سيف الله وأسد الله، وقيل: لما قال في صغره: {إني عبد الله} (ألقاها إلى مريم) استئناف بيان، أي أوصلها الله تعالى إليها وحصلها فيها (وروح منه) قيل: سماه بالروح لما كان له من إحياء الموتى بإذن الله، فكان كالروح، أو لأنه ذو روح وجد من غير جزء من ذي روح كالنطفة المنفصلة عن حي وإنما اخترع اختراعاً من عند الله تعالى، قال الطيبي: الإضافة في أمته للتشريف، وعلى هذا تسميته بالروح ووصفه بقوله ((منه)) إشارة إلى أنه – عليه الصلاة والسلام – مقربه وحبيبه، وتعريض باليهود بحطهم من منْزلته، وتنبيه للنصارى على أنه مخلوق من المخلوقات، وهذا كقوله تعالى: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً} [45: 13] ، فمعنى قوله "روح منه" أي كائن منه وحاصل