والجنة والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) متفق عليه.
28- (27) وعن عمرو بن العاص
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من عنده وهو خالقه وموجده بقدرته، كما أن معنى الآية أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده، أي أنه مكون كل ذلك وموجده بقدرته وحكمته ثم سخره لخلقه (والجنة) منصوب ويرفع (والنار حق) مصدر مبالغة في الحقية، وإنهما عين الحق، كزيد عدل، أو صفة مشبهة أي ثابت، وأفرد لأنه مصدر أو لإرادة كل واحدة منهما، وفيه تعريض بمن ينكر دار الثواب والعقاب (أدخله الله الجنة) ابتداءً وانتهاءً، والجملة جواب الشرط أو خبر المبتدأ (على ما كان) حال من ضمير المفعول من قوله "أدخله الله" أي كائناً على ما كان عليه موصوفاً به (من العمل) من صلاح أو فساد، لكن أهل التوحيد لابد لهم من دخول الجنة، ويحتمل أن يكون معنى قوله "على ما كان من العمل" أي يدخل أهل الجنة الجنة على حسب أعمال كل منهم في الدرجات، كذا في الفتح، قال القسطلاني: في الحديث أن عصاة أهل القبلة لا يخلدون في النار لعموم قوله: ((من شهد أن لا إله إلا الله)) ، وأنه تعالى يعفو عن السيئات قبل التوبة واستيفاء العقوبة؛ لأن قوله (على ما كان من العمل) حال من قوله (أدخله الله الجنة) ، ولا ريب أن العمل غير حاصل حينئذٍ بل الحاصل حال إدخاله استحقاق ما يناسب عمله من الثواب والعقاب، لا يقال: إن ما ذكر يستدعي أن لا يدخل أحد من العصاة النار؛ لأن اللازم منه عموم العفو وهو لا يستلزم عدم دخول النار؛ لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب، وقال الطيبي: التعريف في العمل للعهد والإشارة به إلى الكبائر، يدل له نحو قوله "وإن زنى وإن سرق" في حديث أبي ذر، وقوله (على ما كان) حال، والمعنى: من شهد أن لا إله إلا الله يدخل الجنة في حال استحقاقه العذاب بموجب أعماله من الكبائر، أي حال هذا مخالفة للقياس في دخول الجنة، فإن القياس يقتضي أن لا يدخل الجنة من شأنه هذا كما زعمت المعتزلة، وإلى هذا المعنى ذهب أبوذر في قوله ((وإن زنى وإن سرق)) ، ورد بقوله: ((وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر)) – انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الأنبياء، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده (ج5: ص314) ، والنسائي في التفسير وفي اليوم والليلة.
28- قوله: (وعن عمرو) بالفتح (بن العاص) بن وائل السهمي القرشي، أسلم عام الحديبية، وأمّره النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيش ذات السلاسل ثم استعمله على عمان فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أميرها، وكان أحد أمراء الأجناد في فتوح الشام، وافتتح مصر في عهد عمر بن الخطاب وعمل عليها له ولعثمان ثم عمل عليها زمن معاوية منذ غلب عليها معاوية إلى أن مات عمرو، أخرج أحمد من حديث ابن أبي مليكة عن طلحة أحد العشرة رفعه: ((عمرو بن العاص من صالحي قريش)) ورجال سنده ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين ابن أبي مليكة وطلحة، وقال مجاهد عن الشعبي: دهاة العرب في الإسلام أربعة، فعدّ منهم عمراً، وقال فأما عمرو فللمعضلات، وقال أبوعمر: كان عمرو من أبطال قريش في الجاهلية