responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 166
وَالْخَامِسَةُ: (حِجَابُهُ النُّورُ) أَيِ: الْمَعْنَوِيُّ (لَوْ كَشَفَهُ) : اسْتِئْنَافٌ جَوَابًا عَمَّنْ قَالَ: لَا نُشَاهِدُهُ أَيْ: لَوْ أَزَالَ الْحِجَابَ، وَرَفَعَهُ (لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ) : بِضَمٍّ أَوَّلَيْهِ جَمْعُ سُبْحَةٍ بِالضَّمِّ أَيْ: أَنْوَارُ وَجْهِهِ، وَالْوَجْهُ الذَّاتُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ: هِيَ الْأَنْوَارُ الَّتِي إِذَا رَآهَا الرَّاءُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَبَّحُوا، وَهَلَّلُوا لِمَا يَرُوعُهُمْ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ سُبْحَانَ اللَّهِ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ، وَتَعْجِيبٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ. وَقَالَ الْكَشَّافُ: فِيهَا مَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُسَبَّحَ اللَّهُ فِي رُؤْيَةِ الْعَجَبِ مِنْ صَنَائِعِهِ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مُتَعَجَّبٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: حِجَابُهُ النُّورُ أَيْ: حِجَابُهُ خِلَافُ الْحُجُبِ الْمَعْهُودَةِ، فَهُوَ مُحْتَجِبٌ عَنْ خَلْقِهِ بِأَنْوَارِ عِزِّهِ وَجَلَالِهِ، وَلَوْ كَشَفَ ذَلِكَ الْحِجَابَ، وَتَجَلَّى لِمَا وَرَاءَهُ مِنْ حَقَائِقِ الصِّفَاتِ وَعَظَمَةِ الذَّاتِ لَمْ يَبْقَ مَخْلُوقٌ إِلَّا احْتَرَقَ، وَأَصْلُ الْحِجَابِ السِّتْرُ الْحَائِلُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ، وَهُوَ هَاهُنَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْعِ الْأَبْصَارِ مِنَ الْإِصَابَةِ بِالرُّؤْيَةِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَنْعِ رُؤْيَتِهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا، أَوْ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِذَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى، وَجُمْلَةُ لَوْ كَشَفَهُ إِلَخْ. اسْتِئْنَافِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ كَأَنَّهُ قِيلَ: لِمَ خَصَّ حِجَابَهُ بِالنُّورِ، أَوْ لِمَ يَكْشِفُ ذَلِكَ الْحِجَابَ؟ فَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَوْ كَشَفَهُ لَاحْتَرَقَ الْعَالَمُ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْجُمَلَ السَّابِقَةَ فِعْلِيَّةً مُضَارِعِيَّةً لِإِفَادَةِ التَّجَدُّدِ مَعَ الِاسْتِمْرَارِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ فَتَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ، وَالدَّوَامِ فِي هَذَا الْعَالَمِ، وَإِذَا صَفَتِ الْمُؤْمِنُونَ عَنِ الْكُدُورَاتِ الْبَشَرِيَّةِ فِي دَارِ الثَّوَابِ فَيَرَونَهُ بِلَا حِجَابٍ، كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَآهُ فِي الدُّنْيَا لِانْقِلَابِهِ نُورًا كَمَا قَالَ فِي الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي بَشَرِي نُورًا» ) إِلَى قَوْلِهِ: (وَاجْعَلْنِي نُورًا) (مَا انْتَهَى) أَيْ: وَصَلَ (إِلَيْهِ) : الضَّمِيرُ لِمَا (بَصَرُهُ) : تَعَالَى، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي بَصَرِهِ رَاجِعٌ إِلَى مَا، وَهُوَ مَوْصُولٌ مَفْعُولٌ بِهِ لَأَحْرَقَتْ، وَضَمِيرُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ إِلَى وَجْهِهِ تَعَالَى، وَ (مِنْ خَلْقِهِ) :] بَيَانٌ لِمَا، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِأَحْرَقَتَ، وَالْمُرَادُ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . قِيلَ: مَعْنَاهُ مَسْبُوكٌ مِنْ مَعْنَى آيَةِ الْكُرْسِيِّ، فَهُوَ سَيِّدُ الْأَحَادِيثِ كَمَا أَنَّهَا سَيِّدَةُ الْآيَاتِ.

92 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : «يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُذْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ، وَيَرْفَعُ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى - قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: مَلْآنُ - سَحَّاءُ لَا يُغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــ
92 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَدُ اللَّهِ) : كِنَايَةٌ عَنْ مَحَلِّ عَطَائِهِ أَيْ: خَزَائِنُهُ (مَلْأَى) : عَلَى زِنَةِ فَعْلَى، تَأْنِيثُ مَلْآنَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَعُمُومِهَا (لَا تَغِيضُهَا) : بِالتَّأْنِيثِ، وَقِيلَ بِالْيَاءِ أَيْ: لَا تُنْقِصُهَا (نَفَقَةٌ) أَيْ: إِنْفَاقٌ. (سَحَّاءُ) : بِالْمُهْمَلَتَيْنِ، وَالْمَدِّ مِنْ سَحَّ الْمَاءُ إِذَا سَالَ مِنْ فَوْقِ، وَمِنْ سَحَحْتُ الْمَاءَ أَيْ: صَبَبْتُهُ صِفَةٌ لِنَفَقَةٍ، أَوْ لِيَدٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَوْلُهُ: (اللَّيْلَ، وَالنَّهَارَ) : مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ: دَائِمَةُ الصَّبِّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ سَحًّا بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: سَحَّ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْإِضَافَةِ قَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْمُعْطِيَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا انْصَبَّ مِنْ فَوْقٍ انْصَبَّ بِسُهُولَةٍ، وَإِلَى جَزَالَةِ عَطَايَاهُ؛ لِأَنَّ السَّحَّ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا بَلَغَ وَارْتَفَعَ عَنِ الْقَطْرِ حَدِّ السَّيَلَانِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ لِإِعْطَائِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا أَخَذَ فِي الِانْصِبَابِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّهُ (أَرَأَيْتُمْ) : أَخْبِرُونِي، وَقِيلَ: أَعْلِمْتُمْ، وَأَبْصَرْتُمْ (مَا أَنْفَقَ) : مَا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: إِنْفَاقُ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَا مَوْصُولَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الشَّرْطِ (مُذْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ؟) أَيْ: مِنْ أَوَّلِ زَمَانِ خَلْقِ أَهْلِهِمَا (فَإِنَّهُ) أَيِ: الْإِنْفَاقُ (لَمْ يَغِضْ) : بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَكَسْرِ الْغَيْنِ لَمْ يُنْقِصْ (مَا فِي يَدِهِ) : مَوْصُولَةُ مَفْعُولٍ أَيْ: فِي خَزَائِنِهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى أَيْ: نِعْمَتُهُ غَزِيرَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ» ) فَإِنَّ بَسْطَ الْيَدِ مَجَازٌ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست