responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 167
عَنِ الْجُودِ، وَلَا قَصْدَ إِلَى إِثْبَاتِ يَدٍ وَلَا بَسْطٍ؛ كَذَا فِي الْكَشَّافِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَدُ اللَّهِ أَيْ: خَزَائِنُ اللَّهِ. قِيلَ: إِطْلَاقُ الْيَدِ عَلَى الْخَزَائِنِ لِتَصَرُّفِهَا فِيهَا، وَالْمَعْنِيُّ بِالْخَزَائِنِ قَوْلُهُ: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] لِأَنَّهُ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى إِيجَادِ الْمَعْدُومِ، وَلِذَلِكَ لَا يَنْقُصُ أَبَدًا، وَقَوْلُهُ: مَلْأَى وَلَا تَغِيضُهَا، وَسَحَّاءُ، وَأَرَأَيْتُمْ عَلَى تَأْوِيلِ الْقَوْلِ أَيْ: مَقُولٌ فِيهَا أَخْبَارٌ مُتَرَادِفَةٌ لِيَدِ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَصْفًا لِمَلْأَى، وَأَنْ يَكُونَ أَرَأَيْتُمُ اسْتِئْنَافًا، وَقَوْلُهُ: ( «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ خَلَقَ، وَكَذَا قَوْلُهُ ( «وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ» ) : حَالٌ مِنْهُ، أَوْ مِنْ خَبَرِ كَانَ، أَوِ اسْمِهِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ فِي بَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ «بِيَدِهِ الْمِيزَانُ» : بِقُدْرَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ مِيزَانُ الْأَعْمَالِ، وَالْأَرْزَاقِ (يَخْفِضُ، وَيَرْفَعُ) أَيْ: يُنْقِصُ النَّصِيبَ، وَالرِّزْقَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ يَمْنَحُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَزِيدُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ. بِمُقْتَضَى قَدَرِهِ الَّذِي هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَضَائِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ مِيزَانَ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْمُرْتَفِعَةِ إِلَيْهِ يُقَلِّلُهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَيُكْثِرُهَا لِمَنْ يَشَاءُ كَمَنْ بِيَدِهِ الْمِيزَانُ؛ يَخْفِضُ تَارَةً، وَيَرْفَعُ أُخْرَى، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْعَدْلُ يَعْنِي يُنْقِصُ الْعَدْلَ فِي الْأَرْضِ تَارَةً بِغَلَبَةِ الْجَوْرِ وَأَهْلِهِ، وَيَرْفَعُهُ تَارَةً بِغَلَبَةِ الْعَدْلِ وَأَهْلِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
(وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ) : ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى» ) : قِيلَ: خَصَّ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهَا مَظَنَّةُ الْعَطَاءِ، أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى يُمْنِ الْعَطَاءِ وَبَرَكَتِهِ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالرِّضَا بُورِكَ لَهُ فِي قَلِيلِهِ حَتَّى فَاقَ عَلَى كَثِيرٍ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: ( «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» ) أَيْ: مُبَارَكَةٌ قَوِيَّةٌ قَادِرَةٌ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْيَدَيْنِ التَّصَرُّفَيْنِ مِنْ إِعْطَاءِ الْجَزِيلِ، وَالْقَلِيلِ. (قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ) : بِالتَّصْغِيرِ أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ (مَلْآنُ) أَيْ: رَوَاهُ كَذَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالُوا: هُنَا غَلَطٌ مِنْهُ، وَصَوَابُهُ مَلْأَى بِالتَّأْنِيثِ كَمَا فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنْ أَرَادُوا رَدَّهُ رِوَايَةً، وَنَقْلًا فَلَا نِزَاعَ، وَإِنْ أَرْادَوْا رَدَّهُ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ، فَإِنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ فَأَمْرُهُ سَهْلٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَدُ اللَّهِ إِحْسَانُهُ وَإِفْضَالُهُ. قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُهُ. قَوْلُهُ: (سَحَّاءُ لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) .

93 - وَعَنْهُ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَنْ ذَرَّارِيِّ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
93 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَنْ ذَرَّارِيِّ الْمُشْرِكِينَ) . جَمْعُ ذُرِّيَّةٍ، وَهِيَ نَسْلُ الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ، وَيَقَعُ عَلَى الصِّغَارِ، وَالْكِبَارِ إِمَّا مِنَ الذَّرِّ. بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَهُمْ فِي الْأَرْضِ، أَوْ مِنَ الذَّرْءِ. بِمَعْنَى الْخَلْقِ فَتُرِكَتِ الْهَمْزَةُ، أَوْ أُبْدِلَتْ، وَالْمُرَادُ عَنْ حُكْمِ أَوْلَادِهِمْ إِذَا مَاتُوا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَوِ الْجَنَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأَشْرَفِ الْأَبَوَيْنِ دِينًا فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى أُمُورِ الدُّنْيَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ، وَأَمَّا فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى أُمُورِ الْآخِرَةِ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فَمَوْقُوفٌ مَوْكُولٌ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ لَيْسَتَا مُعَلَّلَتَيْنِ عِنْدَنَا بِالْأَعْمَالِ، بَلِ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مَنْ شَاءَ شَقِيًّا، وَمَنْ شَاءَ سَعِيدًا، وَجَعَلَ الْأَعْمَالَ دَلِيلًا عَلَى السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ. (قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ) ، أَيِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، أَوِ التَّرْكِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ، وَقِيلَ: مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ نَظَرًا إِلَى أَصْلِ الْفِطْرَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَكُونُونَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَا مُنَعَّمِينَ، وَلَا مُعَذَّبِينَ، وَقِيلَ: مَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمِنُ، وَيَمُوتُ عَلَيْهِ إِنْ عَاشَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْجَزُ، وَيَكْفُرُ أَدْخَلَهُ النَّارَ، وَقِيلَ: بِالتَّوَقُّفِ فِي أَمْرِهِمْ، وَعَدَمِ الْقَطْعِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمْ يَقْطَعْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ أَمَرَهُمْ بِالِاعْتِقَادِ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ التَّوَقُّفِ فِي أَمْرِهِمْ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّرْكَ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَهْلُ الْأَعْرَافِ مَآلُهُمُ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ بِدُخُولِ النَّارِ فِي تِلْكَ الدَّارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ شَيْءٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست