responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 287
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ لَهُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ. كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ (سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ السُّلُوكِ أَوِ الطَّرِيقِ أَوِ الِالْتِمَاسِ أَوِ الْعِلْمِ (طَرِيقًا) أَيْ: مُوَصِّلًا وَمَنْهِيًّا (إِلَى الْجَنَّةِ) . مَعَ قَطْعِ الْعَقَبَاتِ الشَّاقَّةِ دُونَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ) أَيْ: جَمْعٌ (فِي بَيْتٍ) أَيْ: مَجْمَعٍ (مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ) : بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مَسَاجِدِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِنَّهُ " يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِيهَا وَالْعُدُولُ عَنِ الْمَسَاجِدِ إِلَى بُيُوتِ اللَّهِ لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يُبْنَى تَقْرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ، (يَتْلُونَ) : حَالٌ مِنْ قَوْمٍ لِتَخْصِيصِهِ (كِتَابَ اللَّهِ) : أَيِ: الْقُرْآنَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتِّلَاوَةِ مُجَرَّدَ إِجْرَاءِ الْأَلْفَاظِ عَلَى اللِّسَانِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُقَدِّرَ الْعَبْدُ أَنَّهُ يَقْرَأُ عَلَى اللَّهِ وَاقِفًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ نَاظِرٌ إِلَيْهِ، بَلْ يَشْهَدُ بِقَلْبِهِ كَأَنَّ رَبَّهُ يُخَاطِبُهُ بَلْ يَسْتَغْرِقُ بِمُشَاهَدَةِ الْمُتَكَلِّمِ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَى غَيْرِهِ سَامِعًا مِنْهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الصَّادِقُ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حَالَةٍ لَحِقَتْهُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: مَا زِلْتُ أُرَدِّدُ الْآيَةَ عَلَى قَلْبِي حَتَّى سَمِعْتُهَا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ جِسْمِي لِمُعَايَنَةِ قُدْرَتِهِ، ثُمَّ يَتَفَكَّرُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَيَقْتَبِسُ مَعْرِفَةَ الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِهْلَاكِ الْأَعْدَاءِ وَيَقْتَبِسُ مَعْرِفَةَ الْعِزَّةِ وَالِاسْتِغْنَاءِ وَالْقَهْرِ وَالْإِفْنَاءِ، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَحِبَّاءِ، وَيَقْتَبِسُ مَعْرِفَةَ اللُّطْفِ وَالْفَضْلِ وَالنَّعْمَاءِ، وَفِي الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّكْلِيفِ وَالْإِرْشَادِ، وَيَقْتَبِسُ مَعْرِفَةَ اللُّطْفِ وَالْحِكَمِ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ (وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ) : وَالتَّدَارُسُ قِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ تَصْحِيحًا لِأَلْفَاظِهِ أَوْ كَشْفًا لِمَعَانِيهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّدَارُسِ الْمُدَارَسَةَ الْمُتَعَارَفَةَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُهُمْ عُشْرًا مَثَلًا وَبَعْضُهُمْ عُشْرًا آخَرَ، وَهَكَذَا فَيَكُونُ أَخَصَّ مِنَ التِّلَاوَةِ أَوْ مُقَابِلًا لَهَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا يُنَاطُ بِالْقُرْآنِ مِنَ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ (إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ) : يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ كَسْرُ الْهَاءِ وَضَمُّ الْمِيمِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَضَمُّهُمَا وَكَسْرِهُمَا. وَالسَّكِينَةُ: هِيَ الْوَقَارُ وَالْخَشْيَةُ يَعْنِي الشَّيْءَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ سُكُونُ الْقَلْبِ وَالطُّمَأْنِينَةُ وَالْوَقَارُ وَنُزُولُ الْأَنْوَارِ. قِيلَ: وَالْمُرَادُ هَنَا صَفَاءُ الْقَلْبِ بِنُورِهِ وَذَهَابُ الظُّلْمَةِ النَّفْسَانِيَّةِ وَحُصُولُ الذَّوْقِ وَالشَّوْقِ، وَقِيلَ: السَّكِينَةُ مَلَكٌ يَسْكُنُ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ وَيُؤَمِّنُهُ وَيَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ، وَذَكَرَ الطِّيبِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: السَّكِينَةُ مَغْنَمٌ وَتَرْكُهَا مَغْرَمٌ (وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ) أَيْ: أَتَتْهُمْ وَعَلَتْهُمْ وَغَطَّتْهُمْ (وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ: مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ أَحْدَقُوا وَأَحَاطُوا بِهِمْ، أَوْ طَافُوا بِهِمْ وَدَارُوا حَوْلَهُمْ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ وَدِرَاسَتَهُمْ وَيَحْفَظُونَهُمْ مِنَ الْآفَاتِ وَيَزُورُونَهُمْ وَيُصَافِحُونَهُمْ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِمْ، قِيلَ: وَبِلِسَانِ الْإِشَارَةِ بُيُوتُ اللَّهِ عِبَارَةٌ عَمَّا يُذْكَرُ فِيهِ الْحَقُّ مِنَ النَّفْسِ وَالْقَلْبِ وَالرُّوحِ وَالسِّرِّ وَالْخَفِيِّ، فَذِكْرُ بَيْتِ النَّفْسِ الطَّاعَاتُ، وَذِكْرُ بَيْتِ الْقَلْبِ التَّوْحِيدُ وَالْمَعْرِفَةُ، وَذِكْرُ بَيْتِ الرُّوحِ الشَّوْقُ وَالْمَحَبَّةُ، وَذِكْرُ بَيْتِ السِّرِّ الْمُرَاقَبَةُ وَالشُّهُودُ، وَذِكْرُ بَيْتِ الْخَفِيِّ بَذْلُ الْوُجُودِ وَتَرْكُ الْمَوْجُودِ. وَقَوْلُهُ: إِلَّا نَزَلَتْ إِلَخْ - إِشَارَةٌ إِلَى ثَمَرَاتِ التِّلَاوَةِ وَهِيَ الْأُنْسُ وَالْحُضُورُ مَعَ اللَّهِ وَتَمَثُّلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْأَرْوَاحِ الْمُقَدَّسَةِ فِي صُوَرٍ لَطِيفَةٍ، وَالصُّعُودُ مِنْ حَضِيضِ الْبَشَرِيَّةِ إِلَى ذُرْوَةِ الْمَلَكُوتِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست