responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 90
فِي قَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ نَازَعَ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ عَقِبَ نَحْوِ فَتَاوِيهِمْ وَأَبْحَاثِهِمْ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَلَى مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: يَقُولُ الْمُجِيبُ فِي الْعَقَائِدِ: وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَفِي الْفُرُوعِ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. فَإِنَّهُ تَنَاقَضٌ بَيْنَ تَأْوِيلِهِ وَأَخْذِهِ. (قَالَ) : قِيلَ أَيِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ؟ إِذْ كُلٌّ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْآخَرِ، وَمِنْ ثَمَّ فَسَّرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِيمَانَ هُنَا. كَذَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ حَسَنٌ لَوْلَا قَوْلُهُ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) : بِرَفْعِ شَهَادَةٍ لَا غَيْرَ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ: هُوَ (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ) : بِجَرِّ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَوْ بِرَفْعِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ لِأَنَّ وِفَادَةَ عَبْدِ الْقَيْسِ كَانَتْ عَامَ الْفَتْحِ، وَنَزَلَتْ فَرِيضَةُ الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَهَا عَلَى الْأَشْهَرِ (وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ أَيِ الْغَنِيمَةُ (الْخُمُسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَسُكُونِهَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: " وَأَنْ تُعْطُوا " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِأَرْبَعٍ، فَلَا يَكُونُ وَاحِدًا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا مِنْ مُطْلَقِ شُعَبِ الْإِيمَانِ اهـ. فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ زِيَادَةِ الْإِفَادَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ إِشْكَالَانِ، أَوَّلُهُمَا: أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَاحِدٌ، وَالْأَرْكَانُ تَفْسِيرٌ لِلْإِيمَانِ؛ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ؟ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْأَرْكَانَ أَيِ الْمَذْكُورَةَ خَمْسَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ أَرْبَعَةً أَيْ أَوَّلًا. وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِيمَانَ أَرْبَعًا نَظَرًا إِلَى أَجْزَائِهِ الْمُفَصَّلَةِ، وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ عَادَةَ الْبُلَغَاءِ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ مُنَصَّبًا لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ جَعَلُوا سِيَاقَهُ لَهُ وَكَأَنَّ مَا سِوَاهُ مَطْرُوحٌ، فَهَاهُنَا ذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ لَيْسَ مَقْصُودًا؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مُقِرِّينَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: أَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: ( «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتَوُا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ» ) اهـ.
وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَنْدَفِعُ الْإِشْكَالَاتُ وَتَرْجِعُ إِلَيْهَا التَّأْوِيلَاتُ، لَكِنِّي مَا أَقُولُ مَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الشَّهَادَتَيْنِ لَيْسَ مَقْصُودًا، بَلْ أَقُولُ: هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا الْمَذْكُورَاتُ بَيَانُ شُعَبِهَا الْمُعَظَّمَةِ، وَأَرْكَانِهَا الْمُفَخَّمَةِ، وَمَحْمَلُ كَلَامِ الطِّيبِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا مِنَ الْأَرْبَعِ، بَلْ هُوَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَبَيْنَ مُبَيِّنِهَا. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: قِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ قُرِئَ: وَأَقَامَ الصَّلَاةَ إِلَخْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ لِيَكُونَ الْمَجْمُوعُ هُوَ الْإِيمَانُ فَأَيْنَ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ؟ وَإِنْ قُرِئَتْ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِالْإِيمَانِ يَكُونُ الْمَذْكُورُ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ. وَأُجِيبَ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ حَذَفَهَا الرَّاوِي اخْتِصَارًا أَوْ نِسْيَانًا، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي بِأَنَّهُ عَدَّ الْأَرْبَعَ الَّتِي وَعَدَهُمْ، ثُمَّ زَادَهُمْ خَامِسَةً، وَهِيَ أَدَاءُ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ لِكُفَّارِ مُضَرَ، وَكَانُوا أَهْلَ جِهَادٍ وَغَنَائِمَ اهـ.
وَالْأَظْهَرُ اخْتِيَارُ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورَاتُ الْأَرْبَعَةُ بِالْعَطْفِ هِيَ الْمَأْمُورَاتُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْإِيمَانِ لِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ، وَبَيَانِ أَسَاسِهِ وَأَصْلِهِ، سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ مُرْتَدِّينَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ إِلَى آخِرِ الشَّهَادَتَيْنِ كَجُمْلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ أَيْضًا بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْأَرْكَانَ لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْإِيمَانِ، وَلِلرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ: (وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ) أَيْ خِصَالٍ، وَهِيَ الِانْتِبَاذُ فِي الظُّرُوفِ الْأَرْبَعَةِ وَالشُّرْبُ مِنْهَا (عَنِ الْحَنْتَمِ) : بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، وَهُوَ - بِفَتْحِ الْحَاءِ - الْجَرَّةِ مُطْلَقًا، أَوْ خَضْرَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ، أَعْنَاقُهَا فِي جُنُوبِهَا، يُجْلَبُ فِيهَا الْخَمْرُ مِنْ مُضَرَ، أَوْ أَفْوَاهُهَا فِي جُنُوبِهَا يُجْلَبُ فِيهَا الْخَمْرُ مِنَ الطَّائِفِ، أَوْ جِرَارٌ تُعْمَلُ مِنْ طِينٍ وَأُدْمٍ وَشَعَرٍ - أَقْوَالٌ لِلصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ - وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَنْتَبِذُونَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (وَالدُّبَّاءِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ، وَيُمَدُّ وَيُقْصَرُ - وِعَاءُ الْقَرْعِ، وَهُوَ الْيَقْطِينُ الْيَابِسُ (وَالنَّقِيرُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ - جِذْعٌ يُنْقَرُ وَسَطُهُ وَيُنْبَذُ فِيهِ (وَالْمُزَفَّتِ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ - المَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْقَارُ وَالْقِيرُ، وَرُبَّمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْمُقَيَّرُ " بَدَلَ الْمُزَفَّتِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ لَيْسَ اسْتِعْمَالُهَا مُطْلَقًا، بَلِ النَّقِيعُ فِيهَا وَالشُّرْبُ مِنْهَا مَا يُسْكِرُ، وَإِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَيْهَا خُصُوصًا إِمَّا لِاعْتِيَادِهِمُ اسْتِعْمَالَهَا فِي الْمُسْكِرَاتِ، أَوْ لِأَنَّهَا أَوْعِيَةٌ تُسْرِعُ بِالِاشْتِدَادِ فِيمَا يُسْتَنْقَعُ؛ لِأَنَّهَا غَلِيظَةٌ لَا يَتَرَشَّحُ مِنْهَا الْمَاءُ وَلَا يَنْفُذُ فِيهِ الْهَوَاءُ، فَلَعَلَّهَا تُغَيِّرُ النَّقِيعَ فِي زَمَانٍ قَلِيلٍ، وَيَتَنَاوَلُهُ صَاحِبُهُ عَلَى غَفْلَةٍ بِخِلَافِ السِّقَاءِ فَإِنَّ التَّغَيُّرَ فِيهِ يَحْدُثُ عَلَى مَهْلٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: ( «نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» ) . وَقِيلَ: هَذِهِ الظُّرُوفُ كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِالْخَمْرِ، فَلَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ حَرَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الظُّرُوفِ، إِمَّا لِأَنَّ فِي اسْتِعْمَالِهَا تَشْبِيهًا بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَإِمَّا لِأَنَّ هَذِهِ الظُّرُوفَ كَانَتْ فِيهَا أَثَرُ الْخَمْرِ، فَلَمَّا مَضَتْ مُدَّةً أَبَاحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الظُّرُوفِ، فَإِنَّ أَثَرَ الْخَمْرِ زَالَ عَنْهَا، وَأَيْضًا فِي ابْتِدَاءِ تَحْرِيمِ شَيْءٍ يُبَالِغُ وَيُشَدِّدُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست