responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 91
لِيَتْرُكَهُ النَّاسُ مَرَّةً، فَإِذَا تَرَكَهُ النَّاسُ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ يَزُولُ التَّشْدِيدُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، هَذَا وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ بَاقٍ لَمْ يُنْسَخْ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتُفْتِيَ عَنِ الِانْتِبَاذِ فَذَكَرَهُ، فَلَوْ نُسِخَ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النُّسَخُ، فَلَا يَكُونُ إِيرَادُهُ لَهُ حُجَّةً عَلَى مَنْ بَلَغَهُ. (وَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (احْفَظُوهُنَّ) أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَاتِ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ وَاعْمَلُوا بِهِنَّ، (وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ) أَيْ أَعْلَمُوهُنَّ (مَنْ وَرَاءَكُمْ) أَيِ الَّذِينَ خَلْفَكُمْ مِنَ الْقَوْمِ؛ لِتَكُونُوا عَالِمِينَ مُعَلِّمِينَ وَكَامِلِينَ مُكَمِّلِينَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَجَرِّ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى تَقْدِيرِ الْمَفْعُولِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ (وَلَفْظُهُ) أَيْ لَفَظُ الْحَدِيثِ لِلْبُخَارِيِّ، يَعْنِي وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ، فَبِهَذَا الْمَعْنَى صَارَ الْحَدِيثُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.

18 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: ( «بَايَعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ. فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ إِلَى اللَّهِ؛ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ» ) فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
18 - (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ، يُكْنَى أَبَا الْوَلِيدِ الْأَنْصَارِيَّ، كَانَ نَقِيبًا، وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، ثُمَّ وَجَّهَهُ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ قَاضِيًا وَمُعَلِّمًا، فَأَقَامَ بِحِمْصَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى فِلَسْطِينَ وَمَاتَ بِهَا فِي الرَّمْلَةِ، وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحَوْلَهُ) : نَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِ، وَهُوَ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: (عِصَابَةٌ) : بِالْكَسْرِ اسْمُ جَمْعٍ كَالْعُصْبَةِ، لِمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ، مِنَ الْعَصْبِ وَهُوَ الشَّدُّ، كَأَنَّ بَعْضَهُمْ يَشُدُّ بَعْضًا، أَوْ مِنَ الْعَصَبِ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (مِنْ أَصْحَابِهِ) : صِفَةٌ لِعِصَابَةٍ (بَايِعُونِي) أَيْ عَاقِدُونِي وَعَاهَدُونِي تَشْبِيهًا لِنَيْلِ الثَّوَابِ فِي مُقَابَلَةِ الطَّاعَةِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَوَجْهُ الْمُفَاعَلَةِ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَعْطَاهُ خَالِصَةَ نَفْسِهِ وَطَاعَتَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111] الْآيَةَ (عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا) : مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، قِيلَ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرِّيَاءُ (وَلَا تَسْرِقُوا) وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ مُحْرَزًا بِخُفْيَةٍ (وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ) : بِدَفْنِهِمْ أَحْيَاءً، فَصِبْيَانَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ وَافْتِقَارٍ، وَبَنَاتَكُمْ خَوْفَ لُحُوقِ عَارٍ وَعَيْبٍ (وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ) : الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَهُوَ الْكَذِبُ الَّذِي يَبْهَتُ سَامِعَهُ، الْمُرَادُ بِهِ الْقَذْفُ (تَفْتَرُونَهُ) أَيْ تَخْتَلِقُونَهُ وَتَخْتَرِعُونَهُ صِفَةُ بُهْتَانٍ (بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) أَيْ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ، وَعُبِّرَ بِهِمَا عَنِ الذَّاتِ وَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَفْعَالِ تُزَاوَلُ وَتُعَالَجُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا تَبْهَتُوا النَّاسَ بِالْعُيُوبِ كِفَاحًا وَشِفَاهًا كَيْ لَا يُشَاجِرَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَمَا يُقَالُ: فَعَلْتُ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ أَيْ بِحَضْرَتِكَ، وَهَذَا النَّوْعُ أَشُدُّ الْبَهْتِ، أَوْ لَا تَنْسِبُوهُ مَبْنِيًّا عَلَى ظَنٍّ فَاسِدٍ وَغَيْرِ مُبْطِنٍ مِنْ ضَمَائِرِكُمْ وَقُلُوبِكُمُ الَّتِي هِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَلَا تُلْحِقُوا بِالرِّجَالِ الْأَوْلَادَ مِنْ غَيْرِ أَصْلَابِهِمْ، فَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْمَوْلُودَ وَتَقُولُ لِزَوْجِهَا: هُوَ وَلَدِي مِنْكَ، فَعُبِّرَ بِالْبُهْتَانِ الْمُفْتَرَى بَيْنَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا عَنِ الْوَلَدِ الَّذِي تُلْحِقُهُ بِزَوْجِهَا كَذِبًا؛ لِأَنَّ بَطْنَهَا الَّذِي يَحْمِلُهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَفَرْجَهَا الَّذِي تَلِدُ مِنْهُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا. (وَلَا تَعْصُوا) بِضَمِّ الصَّادِ - تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (فِي مَعْرُوفٍ) : مَا عُرِفَ فِي الشَّرْعِ حُسْنُهُ، أَوْ قُبْحُهُ (فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ) : بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّدُ (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: لَفَظُ " وَفَى " دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ إِنَّمَا يُنَالُ بِالْوَفَاءِ بِالْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَفَاءَ هُوَ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ مَا الْتَزَمَهُ مِنَ الْعُهُودِ وَالْحُقُوقِ، وَأَمَّا الْعِقَابُ فَإِنَّهُ يُنَالُ بِتَرْكِ أَيِّ وَاحِدٍ كَانَ اهـ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست