responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 1  صفحه : 6
وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِمَا فِي هَذِهِ مِنْ ذَوِي الْعِلْمِ مِنْ الثِّقْلَيْنِ وَالْمَلَائِكَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ، وَقِيلَ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَلَامَةِ؛ لِأَنَّ فَاعِلًا كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْآلَةِ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا الشَّيْءُ كَالطَّابِعِ وَالْخَاتَمِ فَهُوَ كَالْآلَةِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى صَانِعِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ اسْمٌ لِكُلِّ مَا سِوَى اللَّهُ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ فَإِنَّهَا لِإِمْكَانِهَا وَافْتِقَارِهَا إلَى مُؤَثِّرٍ وَاجِبٍ لِذَاتِهِ تَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ، وَلَعَلَّ عَلَى هَذَا مَا فِي الصِّحَاحِ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْخَلْقِ أَيْ الْمَخْلُوقِ (الْبَدِيعِ) وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً مُشَبَّهَةً مِنْ بَدَعَ بَدَاعَةً وَبُدُوعًا صَارَ غَايَةً فِي وَصْفِهِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا، وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْمُبْتَدَعُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمُخْتَرَعُ لَا عَلَى مِثَالٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ عَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ الْبَدِيعُ (بِلَا مِثَالٍ سَابِقٍ) تَصْرِيحًا بِلَازِمِينَ لِإِنْشَاءِ الْعَالَمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُبْتَدَأَ لِلْفَاعِلِ الْمُطْلَقِ غَيْرُ مَسْبُوقٍ إلَيْهِ وَلَا مُتَقَدِّمٍ فِي الْوُجُودِ الْعَيْنِيِّ مَا يُقَدَّرُ مُتَعَلَّقُهُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35] بِخِلَافِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ فِي هَذَا الْقَوْلِ تَصْرِيحٌ بِلَازِمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ بِلَا مِثَالٍ سَابِقٍ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَا ضَيْرَ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ بِمَا سَيَأْتِي كَمَا سَنُشِيرُ إلَيْهِ. وَقَدْ يُقَالُ الْإِنْشَاءُ وَالْإِبْدَاعُ إيجَادُ الشَّيْءِ بِلَا سَبْقِ مَادَّةٍ وَزَمَانٍ وَلَا تَوَسُّطِ آلَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَابِلُ التَّكْوِينَ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا بِالْمَادَّةِ وَالْإِحْدَاثِ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا بِالزَّمَانِ، وَعِنْدَ الْعَبْدِ الضَّعِيفِ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي هَذَا نَظَرٌ يُنَوِّرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأنعام: 98] {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] (وَأَنَارَ لِبَصَائِرِ الْعُقَلَاءِ طُرُقَ دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُودِهِ وَتَمَامِ قُدْرَتِهِ) أَيْ جَعَلَ أَنْوَاعَ الْأَدِلَّةِ الْأَنْفَسِيَّةِ وَالْآفَاقِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ وُجُودِهِ بِالذَّاتِ وَشُمُولِ كَمَالِ قُدْرَتِهِ لِسَائِرِ الْمُمْكِنَاتِ وَاضِحَةً جَلِيَّةً لِذَوِي الِاسْتِبْصَارِ مِنْ عُقَلَاءِ الْعِبَادِ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ عِنْدَ الْخَاصَّةِ مِنْ أُولِي الرَّشَادِ مِنْ ضَرُورَاتِ الدِّينِ بَلْ وَمِنْ عَيْنِ الْيَقِينِ، وَأَحْسَنُ بِقَوْلِ الْعَارِفِ أَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ
لَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ إلَيْك حَقًّا ... فَمَا أَحَدٌ أَرَادَك يَسْتَدِلُّ
وَيَقُولُ الْآخَرُ
لَقَدْ ظَهَرْت فَلَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ ... إلَّا عَلَى أَكْمَهٍ لَا يَعْرِفُ الْقَمَرَا
(فَهُوَ إلَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ سَائِقٌ) أَيْ إيضَاحُهُ لِلْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ سَائِقٌ لِلْقُلُوبِ الْمُسْتَبْصِرَةِ إلَى الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِوُجُودِهِ الذَّاتِيِّ، وَقُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ، وَمِنْ عُيُونِ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قِيلَ وَكَانَ مِنْ أَوْتَادِ مِصْرَ: الطَّرِيقُ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ الْفِكْرُ وَالِاعْتِبَارُ بِحَكَمِهِ وَآيَاتِهِ وَلَا سَبِيلَ لِلْأَلْبَابِ إلَى مَعْرِفَةِ كُنْهِ ذَاتِهِ فَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ سُبُلٌ مُتَّصِلَةٌ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَحُجَجٌ بَالِغَةٌ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَالْكَوْنُ جَمِيعُهُ أَلْسُنٌ نَاطِقَةٌ بِوَحْدَانِيِّتِهِ، وَالْعَالَمُ كُلُّهُ كِتَابٌ يَقْرَأُ حُرُوفَ أَشْخَاصِهِ الْمُتَبَصِّرُونَ عَلَى قَدْرِ بَصَائِرِهِمْ.
(دَفَعَ نِظَامَهُ) أَيْ اضْطَرَّ نِظَامُ الْعَالَمِ (الْمُسْتَقَرُّ) أَيْ الثَّابِتُ عَلَى أَتَمِّ وُجُوهِ الِانْتِظَامِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَالٍ وَلَا انْخِرَامٍ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنْ ذَوِي النُّهَى وَالْأَحْلَامِ (إلَى الْقَطْعِ بِوَحْدَانِيِّتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22] ، وَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فِي قَوْلِهِ
فَوَاعَجَبَا كَيْفَ يُعْصَى الإل ... هـ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ
وَلِلَّهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ ... وَتَسْكِينَةٍ أَبَدًا شَاهِدُ
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
(كَمَا أَوْجَبَ) لِذَوِي النَّظَرِ الصَّحِيحِ (تَوَالِي نَعْمَائِهِ تَعَالَى الْمُسْتَمِرُّ) أَيْ تَتَابُعُهَا الدَّائِمُ عَلَى سَائِرِ مَخْلُوقَاتِهِ مَعَ تَلَبُّسِ الْكَثِيرِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ بِالْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ وَالْجُحُودِ وَالطُّغْيَانِ (الْعِلْمَ) الْقَطْعِيَّ لَهُمْ (بِرَحْمَانِيَّتِهِ) أَيْ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست