responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 1  صفحه : 7
بِاتِّصَافِهِ بِالرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي هِيَ إفَاضَةُ الْإِنْعَامِ أَوْ إرَادَةُ الْإِحْسَانِ، وَإِلَّا لَبَادُوا عِنْدَ الْخَالِفَةِ وَلَمْ يُمْهَلُوا وَقْتًا مِنْ الزَّمَانِ كَمَا قَالَ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، وَأَنْوَاعِ الْبُرْهَانِ فَسُبْحَانَهُ مِنْ إلَهٍ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا وَغَفَرَ ذُنُوبَ الْمُذْنِبِينَ كَرْمًا وَحِلْمًا.
(تَنْبِيهٌ) وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَارٍ عَلَى مِنْوَالِ كَوْنِ الْعِلْمِ الْحَاصِلِ عَقِبَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ وَاجِبًا أَيْ لَازِمًا حُصُولُهُ عَقِبَهُ إمَّا وُجُوبًا عَادِيًا كَمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَوْ وُجُوبًا عَقْلِيًّا غَيْرَ مُتَوَلِّدٍ مِنْهُ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ وَكَشَفَ الْقِنَاعَ عَنْهُ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ يَعْنِي وَجَبَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعُقَلَاءِ عَقِبَ نَظَرِهِمْ الصَّحِيحِ فِي دَوَامِ تَوَاتُرِ نَعْمَائِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى عَلَى الْعِبَادِ مَعَ كَثْرَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْعِصْيَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبِلَادِ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ بِاتِّصَافِهِ سُبْحَانَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أُصُولِ صِفَاتِهِ الْحُسْنَى وَنُعُوتِهِ الْعُلَى فَاتَّحَدَ هَذَانِ الْمَطْلَبَانِ فِي الْقَطْعِ دَلِيلًا وَمَدْلُولًا. وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ خَرَجَتَا مَخْرَجَ الْبَيَانِ وَالشَّهَادَةِ لِبَدَاعَةِ هَذَا الْعَالَمِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِيمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ الْبَدِيعُ هُنَا، وَلِجُمْلَةِ وَأَنَارَ لِبَصَائِرِ الْعُقَلَاءِ طُرُقَ دَلَالَتِهِ فَلَا جَرَمَ أَنَّ لِهَذَا وَلِكَوْنِهِمَا لَا يَصِحُّ تَشْرِيكُهُمَا فِي حُكْمِ مَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقَعَا صِلَتَيْنِ لِمَا الْأُولَيَانِ صِلَتَانِ لَهُ فَصَلَهُمَا عَنْهُمَا.
وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ إسْنَادَ دَفْعٍ إلَى نِظَامٍ، وَأَوْجَبَ إلَى تَوَالِي إسْنَادٌ مَجَازِيٌّ لِمُلَابَسَةِ السَّبَبِيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] ، وَأَنَّ قَوْلَهُ الْمُسْتَمِرَّ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ تُوَالِي كَمَا أَنَّ الْمُسْتَقَرَّ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ نِظَامِهِ وَتَعَالَى جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ ثُمَّ كَمَا أَنَّ لِرَبِّنَا تَعَالَى عَلَيْنَا نِعَمًا يَتَعَذَّرُ إحْصَاؤُهَا كَذَلِكَ لِنَبِيِّنَا أَيْضًا عَلَيْنَا مِنَنٌ يَبْعُدُ اسْتِقْصَاؤُهَا وَهُوَ أَيْضًا الْوَسِيلَةُ الْعُظْمَى إلَيْهِ، وَمَنْ رَامَ إنْجَاحَ مَطَالِبِهِ فَهُوَ كَلٌّ عَلَيْهِ فَلَا جَرَمَ إنْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِتَبْجِيلِهِ وَتَمْجِيدِهِ مَنْسُوقًا عَلَى حَمْدِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ فَقَالَ (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ) وَكَوْنُ الْحَمْدِ فِي صُورَةِ الْجُمْلَةِ الْأَسْمِيَةِ وَالصَّلَاةِ فِي صُورَةِ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ غَيْرَ ضَائِرٍ لِاتِّفَاقِهِمَا هُنَا فِي كَوْنِهِمَا إنْشَاءً وَسَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ هَلْ الْمُشْتَرَكُ عَامٌّ اسْتِغْرَاقِيٌّ فِي مَفَاهِيمِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَوْضُوعَةٌ لِلِاعْتِنَاءِ بِإِظْهَارِ الشَّرَفِ وَتَتَحَقَّقُ مِنْهُ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ، وَمِنْ غَيْرِهِ بِدُعَائِهِ لَهُ.

ثُمَّ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: أَجْمَعُ الْأَقْوَالِ الشَّارِحَةِ لِلرِّسَالَةِ الْإِلَهِيَّةِ أَنَّهَا سِفَارَةٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْخَلْقِ تُنَبِّهُ أُولِي الْأَلْبَابِ عَلَى مَا تَقْصُرُ عَنْهُ عُقُولُهُمْ مِنْ صِفَاتِ مَعْبُودِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، وَمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَمُسْتَحِثَّاتٌ تُهْدِيهِمْ وَدَوَافِعُ شُبَهٍ تُرْدِيهِمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادِفَةٍ لِلنُّبُوَّةِ وَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ شَهِيرَةٌ، فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ كُلَّ رَسُولٍ نَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ لِنَقْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّا قِيلَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّسُولَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْذَارِ، وَأَنَّهُ يَأْتِي بِشَرْعٍ مُسْتَأْنَفٍ وَلَا كَذَلِكَ النَّبِيُّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ، وَأَنَّهُ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ وَالنَّبِيُّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ بَعْضِ وُجُوهِهِ وَالنُّبُوَّةُ، وَالرِّسَالَةُ أَشْرَفُ مَرَاتِبِ الْبَشَرِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفْضِيلُ الثَّمَرَةُ وَالْجَدْوَى قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ: وَجَاءَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَفْضِيلُ الرِّسَالَةِ عَلَى النُّبُوَّةِ فَإِنَّهَا تُثْمِرُ هِدَايَةَ الْأُمَّةِ، وَالنُّبُوَّةُ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّبِيِّ فَنِسْبَتُهَا إلَى النُّبُوَّةِ كَنِسْبَةِ الْعَالِمِ إلَى الْعَابِدِ، وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُلَاحِظُ فِي النُّبُوَّةِ جِهَةً أُخْرَى يُفَضِّلُهَا بِهَا عَلَى الرِّسَالَةِ وَكَانَ يَقُولُ النُّبُوَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِإِنْشَاءِ حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] فَهَذَا وُجُوبٌ مُتَعَلَّقٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالرِّسَالَةُ خِطَابٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأُمَّةِ، وَالرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَفْضَلُ مِنْ الْأُمَّةِ بِالْخِطَابِ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ جِهَةِ شَرَفِ الْمُتَعَلَّقِ فَإِنَّ النُّبُوَّةَ هُوَ مُتَعَلَّقُهَا، وَالرِّسَالَةَ مُتَعَلَّقُهَا الْأُمَّةُ، وَإِنَّمَا

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 1  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست