وهذه الرواية هي التي عوَّل عليها المؤرخون في ذكر مولده، ولم أجد أحدًا خالف في ذلك فيما اطلعت عليه من المراجع[1]. [1] راجع في هذا: "البداية والنهاية" "12/ 94"، طبعة مكتبة المعارف و"طبقات الحنابلة" "2/ 195" و"الكامل" "10/ 18" و"المنتظم" "8/ 243"، و"المنهج الأحمد" "2/ 105".
نشأته وطلبه العلم وأهم أعماله:
ولد القاضي أبو يعلى في بغداد كعبة العلم وقبلة العلماء وحاضرة العالم الإسلامي في ذلك العصر، بل حاضرة العالم كله، فقد كانت النهضة العلمية آنذاك مكتملة الأسباب متوفرة الدواعي، ولم تكن تلك النهضة خاصة بعلم دون آخر، بل كانت شاملة للنواحي العملية المتعددة، فكان في كل علم أساتذته وطلابه، كما كان في كل علم مكتبته ورواده.
في هذه البيئة العلمية نشأ أبو يعلى وترعرع.
بالإضافة إلى ذلك فقد توفر لأبي يعلى بيت علمي، يتعاون مع البيئة العلمية العامة، فقد كان أبوه على جانب كبير من العلم والفقه، لذلك حرص على تعليم ابنه وتنشئته تنشئة علمية صالحة، وكان يتولى بنفسه تعليم فتاهُ.
وكانت مدرسة الحديث آنذاك عامرة بشيوخها، فبدأ الطفل في التلقي والسماع، وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره، وكان أول سماعه من المحدث علي بن معروف[1].
لم يمهل والد الغلام، حتى يرى ثمرة غرسه، فتمتد يد المنون إليه،
1 "سير أعلام النبلاء" الورقة "167/ ب" الجزء الحادي عشر و"طبقات الحنابلة" "2/ 195".