مرض الخليفة القائم بأمر الله، فلما عوفي، ذهب أبو يعلى لتهنئته، فلما خرج من عند الخليفة، أتبع بجائزة سنية، وسئل قبولها، فأبى إباءً شديدًا، وامتنع منها[1].
وبزهد القاضي أبي يعلى وورعه وفضله شهد العلماء، فهذا أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي الحافظ، يكتب للقاضي كتابًا يقول فيه:
كتابك سيدي لما أتاني ... سررت به، وجدد لي ابتهاجا
وذكرك بالجميل لنا جميل ... يقلدنا ولم نخرج مزاجا
جللت عن التصنع في وداد ... فلم نَرَ في توددك اعوجاجا
وقد كثر المداجي والمرائي ... فلا تحفل بمن راءى وداجا
حييت معمرًا وجزيت خيرا ... وعشت لدين ذي التقوى سراجا2
وقال فيه الخطيب البغدادي[3]: "كتبنا عنه، وكان ثقة"ونقل عن ابن الفراء المحاملي قوله: "ما تحاضرنا أحد من الحنابلة أعقل من أبي يعلى بن الفراء".
وقال ابن الجوزي[4]: " ... وجمع الإمامة والفقه والصدق وحسن الخلق والتعبد والتقشف والخضوع وحسن السمت والصمت عما لا يعني، واتباع السلف".
وقال الذهبي[5]: "وكان ذا عبادة وتهجد وملازمة للتصنيف مع الجلالة والمهابة، وكان متعففًا نزه النفس كبير القدر ثخين الورع".
وقال أيضًا فيما نقله عنه ابن العماد[6]: "وجميع الطائفة معترفون بفضله، ومغترفون من بحره". [1] طبقات الحنابلة "2/ 223".
2 المرجع السابق "2/ 202". [3] تاريخ بغداد "2/ 256". [4] المنتظم "8/ 243، 244".
5 "سير أعلام النبلاء" الورقة "168/ ب" الجزء الحادي عشر.
6 "شذرات الذهب" "3/ 306، 307".