وفاته ورثاء الناس له:
بعد حياة حافلة بالعمل والنشاط والانجازت العلمية العظيمة، يسلم القاضي أبو يعلى الروح، وترجع النفس إلى بارئها، في ليلة الاثنين تاسع عشر من شهر رمضان الكريم من عام ثمان وخمسين وأربعمائة هجرية، بمدينة بغداد، وصلى عليه ابنه أبو القاسم يوم الاثنين في جامع المنصور[1]، ودفن بمقبرة باب حرب[2].
وقد عطلت الأسواق، وتبع جنازته جماعة الفقهاء والقضاة والشهود، وخلق لا يحصون، على رأسهم القاضي أبو عبد الله الدامغاني، ونقيب الهاشميين، وأبو الفوارس، ومنصور بن يوسف، وأبو عبد الله بن جردة[3].
وكان قد أوصى أن يغسله الشريف أبو جعفر، وأن يكفن في ثلاثة أثواب، وأن لا يدفن معه في القبر غير ما غزله لنفسه من الأكفان، ولا يخرق عليه ثوب، ولا يقعد لعزاء[4].
ولا شك أن وفاته أحدثت ضجة عظيمة، وفراغًا كبيرًا لدى طلاب العلم والمعرفة، وبخاصة طلابه، وقد عبر تلميذه علي بن أخي نصر عمَّا يجيش في نفسه ونفوس زملائه من لوعة الحزن وألم الفراق، فاسمعه وهو يقول:
أسف دائم وحزن مقيم ... لمصاب به الهدى مهدوم
1 "طبقات الحنابلة" "2/ 216"، والمراجع التي ذكرناها في ترجمته من قبل فلا داعي لسردها هنا.
2 "تاريخ بغداد" "2/ 256"، و"المنتظم" "8/ 244".
3 "المنتظم" "8/ 244". [4] المرجع السابق.