وقال بعضهم: اعتقاد الشيء على ما هو به على غير [وجه] [1] الظن والتقليد.
وقال آخرون منهم: حَدُّه اعتقاد الشيء على ما هو به، إذا وقع عن ضرورة أو دليل.
وقال آخرون منهم: اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس إلى معتقده.
وكل هذه الحدود باطلة؛ لأن من قال: اعتقاد الشيء على ما هو به فقط، يوجب أن يكون المخمن والظّان -إذا اعتقد الشيء على ما هو به- عالِمًا باعتقاد ذلك الشيء، وهذا باطل؛ للاتفاق على أن العالم[2] لا يجوز كونه على غير ما علمه، والظان بكون الشيء يجد من نفسه تجويز كونه على خلاف من ظنه وتوهمه؛ ولأنه يبطل قوله وقول من قال: إذا وقع عن ضرورة أو دليل، وقول من قال: "مع سكون النفس" بعلم الله تعالى؛ لأنه عالم وليس بمعتقد، ولا علمه عن ضرورة ولا عن سكون النفس.
وعلى أن النفس عندهم هي الجملة المحسوسة، وسكون الجملة هو سكون مكان، وذلك يقتضي أن الإنسان إذا كان ساكن الجملة كان عالِمًا، وإذا لم يكن متحركًا فلا يكون عالِمًا، وذلك باطل.
وعلى أن السكون يستعمل في زوال الغم وحصول الأنس، وهذا يقتضي أن يكون الإنسان إذا زال غمه وأنس فهو عالم، وذلك باطل. [1] غير واضح في الأصل، ولكن السباق واللحاق يدلان عليها. [2] هكذا في الأصل، ولعل الصواب: "العلم".