فصل: [في أقسام العلم] : 1
والعلم على ضربين: قديم ومحدث.
فأما القديم: فهو علم الله تعالى، وهو علم واحد يتعلق بجميع المعلومات على ما هي به، لم يزل ولا يزال، ولا يجوز عليه التغيير والبطلان، ولا يوصف بأنه ضروري، ولا بأنه مكتسب، ولا استدلالي؛ لئلا يوهم كونه محتاجًا إلى العلم لما يعلمه لدفع ضرر عنه، أو أنه ملجأ ومكره على العلم بما هو عالم به، ومحال ذلك في صفته.
وأما المحدث[2] فعلى ضربين: ضروري، ومكتسب.
فأما الضروري فحده: كل علم محدث لا يجوز ورود الشك عليه ويلزم نفس المخلوق[3]. أو ما لا يمكنه معه الخروج عنه، والانفصال منه، وإنما قلنا: ما لزم نفس المخلوق، ولم نقل: ما لزم نفس العالم؛ لكي يخرج علم القديم سبحانه عن كونه اضطرارًا؛ لأن عمله سبحانه بكل معلوم لازم لذاته على الوجه الذي يلزم ذواتنا علوم الضرورات، وليس لأحد أن يقول: إنه مضطر إلى العلم بمعلوماته.
1 راجع في هذا الفصل كتاب: "الواضح" الجزء الأول الورقة "4/ ب، 5/ ب" وكتاب "التمهيد" الورقة "7/ ب، 8/ ب"، فإن أبا الخطاب ترسم خُطَا شيخه في هذا البحث مع فروق بسيطة، وراجع أيضًا كتاب: "شرخ مختصر الروضة" الجزء الأول، الورقة "33/ ب" و"شرح الكوكب المنير" "ص: 19". [2] لم يذكر القاضي تعريف العلم المحدث كما ترى، غير أن تلميذه أبا الخطاب عرفه بقوله: علم جميع المخلوقين من الملائكة والإنس والجن وغير ذلك. انظر "التمهيد" الورقة "7/ ب، 8/ ب". [3] هكذا عرفه القاضي غير أن أبا الخطاب عرفه بقوله: "هو ما علم الإنسان من غير نظر ولا استدلال". انظر المرجع السابق.