نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 172
وأما الوضوء فقال ابن عبد البر: إنه -عليه السلام- ما صلى قط إلّا بوضوء.
قال: وهذا مما لا يجهله عالم, وجزم ابن حزم بأن الوضوء لم يشرَّع إلا بالمدينة؛ لأن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [1] آية مدنية بلا إشكال لذكر اليتيم فيها، ويأتي نزوله، وردَّ عليه ببعض أحاديث ذكِرَ فيها الضوء قبل الهجرة, انظرها في الباري, وجزم ابن الجهم المالكي بأن الوضوء قبل الهجرة قد كان, ولكنه مندوب فقط، وهذا كالجمع بين القولين.
وأما إزالة النجاسة عن ثوب مصلٍّ وبدنه ومكانه, فيظهر أنه كان واجبًا قبل الهجرة، وأصله قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [3] وهي مكية, ففي مسلم عن يحيى بن سعيد, سألت أبا سلمة أيّ القرآن قبل؟ قال: {يا أيها المدثرُ} , ونحوه في الصحيحين عن جابر[4]، وبدليل أنه -عليه السلام- وضع عليه المستهزئون سلا جزور وهو يصلي بالمسجد الحرام فبقي بمكانه حتى جاءت فاطمة وأزالته عنه[5]، وذلك مما يدل على أن وجوب إزالة النجاسة كان من أول ما شرع من أحكام الفقه.
صلاة الجمعة:
فرض الاجتماع لصلاة الجمعة قبل الهجرة, وذلك أن المسلمين لما ضيَّق بهم كفار قريش بمكة, وقيَّضَ الله الأنصار لإحراز فضيلة بيعتي العقبة، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالهجرة تباعًا، فكان أول من هاجر مصعب بن عمير ليعلِّم الأنصار القرآن والدين، وبعد وصوله استأذن نبي الله -عليه السلام- في صلاة الجمعة فآذنه [1] المائدة: 6.
2 فتح الباري "1/ 233" ط. السلفية. [3] المدثر: 4. [4] البخاري في تفسير سورة المدثر "6/ 200"، ومسلم في الإيمن "1/ 99". [5] متفق عليه: البخاري في الصلاة "1/ 131"، وفي الجزية "4/ 127"، وفي غيرهما في الأبواب، ومسلم في الجهاد "5/ 179".
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 172