قالوا ومن أمثلة ذلك زيادة عثمان لأحد الأذانين في الجمعة لكثرة الناس، قالوا: ومنها اشتراء عمر رضي الله عنه دار صفوان بن أمية واتخاذها سجنا لمعاقبة أهل الجرائم، وقالوا: السجن من العقوبات الشديدة، ولذا قرن بالعذاب الأليم في قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، وقالوا: لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر سجن، فلما انتشرت الرعية ابتاع بمكة داراً وجعلها سجناً يسجن فيها، قالوا: وفيه دليل على جواز اتخاذ السجن، وقد سجن عمر الحطيئة على الهجو كما يدل له قوله:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فامنن عليك سلام الله يا عمر
وقد سجن عمر رضي الله عنه صبيغاً على سؤاله عن المتشابه، وسجن عثمان رضي الله عنه ضابيء بن حارثة، وكان من لصوص بني تميم، ومات في السجن، وقد حاول قتل عثمان وهو في سجنه كما يدل له قوله:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائل
قالوا: وسجن علي رضي الله عنه في الكوفة، وسجن ابن الزبير في مكة، قالوا: ومن أمثلة ذلك تدوين الدواوين، لأن أول من دونها في الإسلام عمر رضي الله عنه ولم يتقدم فيه ولا في شيء مما ذكر قبله، ولا في نظيره أمر من الشارع، فكتابة عمر أسماء الجند في ديوان يعرف به الجند وتميز به أهل كل ناحية ويعرف به من تخلف ممن لم يتخلف وموافقة جميع الصحابة على ذلك من غير نكير لمجرد المصلحة المرسلة مع أنه ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه