لأن بيان المراد من المطلق لا يجوز تأخيره عن الخطاب بالمطلق عندهم، وذلك لأن الإطلاق مما يريده الشارع قطعاً، وحيث ثبت غيرَ مقرون بما ينفيه وجب اعتباره.
والتقييد بعد ذلك يرفع الإطلاق، فيكون ناسخاً له.
وتقدم جواب الجمهور عند ذلك في الشرط الثاني من الشروط المختلف فيها.
وأما رأي الجمهور في هذه الحال، فالظاهر أنهم يفرقون بين تأخر المقيد عن الخطاب بالمطلق، وبين تأخره عن وقت العمل به، فهم في الحال الأولى يحملون المطلق على المقيد على أنه بيان له، لا نسخ بدون خلاف بينهم.
وأما إذا تأخر المقيد عن وقت العمل بالمطلق، فالذي يبدو من إطلاقهم القول بأن المقيد بيان للمطلق سواء تقدم عليه المطلق أو تأخر عنه، أن المقيد بيان للمطلق في جميع الأحوال، وإن تأخر عن وقت العمل[1] كما سبقت الإشارة إلى ذلك في تأخر المطلق، لكن صرح ابن السبكي[2] وغيره من المحققين[3] أن المقيد إذا تأخر عن وقت العمل يكون [1] التحرير للمرداوي مخطوط ص:94، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/156، وإرشاد الفحول ص: 165، والقواعد الأصولية لابن اللحام الحنبلي ص: 282. [2] جمع الجوامع مع حاشية البناني 2/50. [3] لب الأصول على غاية الوصول للأنصاري ص: 83، وشرح الكوكب المنير للفتوحي ص: 205.