وبهذا تحصل المساواة بينهما؛ لأن كلا منهما فيه جهة قوة وجهة ضعف، فيتعارضان في الظاهر، ولدفع هذا التعارض يحمل المطلق على المقيد؛ لأن فيه جمعاً بين الدليلين، وأيضاً فإن في العمل بالمقيد خروجاً عن العهدة بيقين، وليس كذلك العمل بالمطلق كما سبق بيان ذلك[1]، أضف إلى ذلك أن دلالة المطلق على جميع محاله ليست محل اتفاق، بل هي ظنية على رأي الجمهور، فالدليل غير مسلم به.
2 - القول الثاني:
المنع مطلقاً، أي سواء قيد مطلق الكتاب والسنة المتواترة، قبل خبر الواحد أم لم يقيدا، وإليه ذهب بعض الحنابلة والمتكلمين وبعض الفقهاء[2].
واستدل هذا الفريق بأدلة منها:
1 - قالوا: أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على عدم التخصيص بخير الواحد لعام القرآن والسنة المتواترة، بدليل أن عمر[3] رضي الله عنه [1] راجع العقد المنظوم في الخصوص والعموم لوحة 236، ومباحث التخصيص للدكتور عمر ص: 305-310، 316، وفواتح الرحموت 1/349-350، والمسودة لآل تيمية ص: 119، وإرشاد الفحول ص: 158، والعدة لأبي يعلى 2/568، والواضح لابن عقيل 1/102 مخطوط، والتعارض والترجيح للبرزنجي ص: 572-573. [2] التعارض والترجيح للبرزنجي ص: 573. [3] هو: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عبد بن كعب القرشي العدوي أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين مشهور، وجم المناقب اشتهر بعدله في رعيته، استشهد في الحجة سنة ثلاث وعشرين ودامت خلافته رضي الله عنه عشر سنوات ونصف. تقريب التهذيب ص: 253، وكانت ولادته سنة 40 قبل الهجرة.
انظر: الأعلام 5/203-204، وأسد الغابة 4/52-78.