"فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة، إلا وفي كتاب الله دليل على سبيل الهدى فيها"[1].
ويقول: "كل ما نزل بمسلم ففيه حكم لازم أو على سبيل الحق فيه دلالة موجودة، وعليه إذا كان فيه بعينه حكم اتبعه، وإذا لم يكن فيه بعينه
طلب الدلالة على سبيل الحق فيه بالاجتهاد والاجتهاد القياس"[2].
ويقول: "وليس يؤمر أحد أن يحكم بحق إلا وقد علم الحق، ولا يكون الحق معلوماً إلا عن الله نصاً، أو دلالة عن الله، فقد جعل الله الحق في كتابه، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فليست تنزل بأحد نازلة إلا والكتاب ينص عليها نصاً أو جملة ... فإن قال قائل: أرأيت ما لم يمضِ فيه كتاب ولا سنة ولا يوجد الناس، اجتمعوا عليه فأمرت بأن يؤخذ قياساً على كتاب أو سنة يقال لهذا قيل عن الله؟ قيل: نعم قيلت جملة عن الله، فإن قيل: ما جملته؟ قيل: الاجتهاد فيه على الكتاب والسنة[3].
ويقول: "والحق فيما أمر الله ورسوله باتباعه، أو دل الله ورسوله عليه نصاً أو استنباطاً بدلائل"[4].
فهذه النصوص تدل على أن الشافعي يرى أن كل حادثة تقع لمسلم ففي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم دليل على حكمها إما نصاً أو استنباطاً من معقول النص بالقياس، وإذا كان استنباط الحكم فيما ليس فيه نص يعد اتباعاً للنص، وأخذاً للحكم من معقول النص ويقال فيه أنه قيل عن الله تعالى، فالاجتهاد والقياس إذن عند الشافعي بمعنى واحد، وهذا يقتضي القول بالاستدلال؛ لأن الاستدلال لا يعدو استنباط الحكم من معقول جملة نصوص شرعية شهدت لجنس المصلحة بالاعتبار، وإن لم يشهد لها نص معين، وعلى هذا فمتى توصل [1] انظر: الرسالة ص 48. [2] انظر: الرسالة ص 477. [3] الأم 7/298-299. [4] الأم 7/301.