أما الأدلة التي اعتبرها أصولاً لمذهبه فهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، وقول بعض الصحابة الذي لم يعلم له مخالف، واختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس.
وهذه الأدلة عنده طبقات بعضها أرفع من بعض، يدل لهذا ما ذكره في كتابه الأم حيث قال: العلم طبقات شتى.
الأولى: الكتاب والسنة، إذا ثبتت السنة.
ثم الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة.
والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قولاً ولا نعلم له مخالفاً منهم.
والرابعة: اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
والخامسة: القياس على بعض الطبقات.
ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان، وإنما يؤخذ العلم من أعلى"[1].
ولا يهمني هنا كون الشافعي اعتمد الكتاب والسنة شيئاًَ واحداً، لكونه جعل السنة بياناًَ للكتاب، وإنما الذي يهمني هو تصحيح إثبات نسبة القول بالمناسب المرسل للإمام الشافعي، واعتماده عليه في الاستنباط، وبناء الأحكام عليه، وإن لم يعتبره أصلاً مستقلاً، فإلى أدلة إثبات ذلك.
الدليل الأول: وردت نصوص عن الشافعي تدل على أنه يعتبر المرسل داخلاً في القياس، وإن لم يعده أصلاً مستقلاً من أصوله التي اعتمد عليها في استنباط الأحكام، وجعلها قاعدة لفروع الأحكام، إلا أنه يرى أنه قياس، لأن الاستدلال لا يعدو استنباط الحكم من معقول جملة نصوص شرعية شهدت لجنس المصلحة بالاعتبار.
ذلك أن الشافعي يرى أن نصوص الشرع وافية بحكم كل حادثة تحدث، فلا توجد واقعة إلا ولها دليل يدل عليها، إما بنصه أو معقوله، يدل لهذا قوله: [1] انظر: الأم 7/265.