على أنه سلك مسلك إمامه في اعتبار المرسل فهو يقول: "ومن تتبع مقاصد الشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وأن هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها إجماع ولا نص ولا قياس، خاص فإن فهم نفس الشرع يوجب ذلك"[1].
وظاهر من كلام العز أنه يرى اعتبار المناسب المرسل، حيث بنى اعتباره على حصول العلم، أو العرفان باعتبار المصلحة، وإن لم يكن فيها نص ولا إجماع ولا قياس خاص، بمعنى أنه لم يشهد لها نص معين، وإن شهدت لها نصوص الشرع وقواعده العامة في الجملة لأن مناسبتها إنما تكون بذلك.
ويدل على المصلحة بهذا الاعتبار تعد قياساً عند الشافعي، ما ذكره الغزالي ونصه: "كل مصلحة ملائمة، فيتصور إيرادها في قالب قياس بجمع متكلف يعتمد التسوية في قضية عامة، لا تتعرض لعين الحكم ... بمعنى مناسب فهو الذي نريده بالاستدلال المرسل.
وكيف لا ينتظم هذا الشكل؟ وما من مسألة إلا ويمكن أن يقال: هذه مصلحة على وجه كذا، فينبغي أن تراعى قياساً على مسألة كذا، والمصلحة عبارة تشتمل مختلفة تندرج تحت المتباعدات، وتنتظم بالتحرير فيها صورة القياس، وهذا غير منكر جريانه في الاستدلال المرسل"[2].
ثم إن تصريح العز بن عبد السلام باعتبار المصلحة وإن لم يشهد لها قياس خص يدل على أنه يرى أن القياس نوعان: [1] انظر: قواعد الأحكام 2/260. [2] انظر: شفاء الغليل ص 217-218.