أحدهما: خاص وهو الذي يجمع فيه بين النظرين بعلة خاصة.
والثاني: عام، وهو الذين يندرج تحت علة عامة بمعنى أنه يكون اعتبار المصلحة بشهادة الأصول والقواعد العامة، وإن لم يشهد لها نص معين.
فما ذهب إليه هنا من انقسام القياس إلى: خاص وعام، وهو عين ما قررت أن الشافعي ذهب إليه من أن القياس شمال للاستدلال المرسل، وعلى هذا يكون القياس خاصاً وعاماً يشملهما الاجتهاد.
يقول الشافعي: "الاجتهاد أبداً لا يكون إلا على طلب شيء، وطلب الشيء لا يكون إلا بدلائل، والدلائل هي القياس"[1].
فهذا صريح في أن الاستدلال عنده من قبيل الاجتهاد في طلب الشيء والبحث عنه، وذلك لدخوله في مقاصد الشرع[2].
الدليل الثاني: ما نقله الزركشي عن ابن برهان أنه قال: "إن كانت المصلحة ملائمة لأصل كلي من أصول الشريعة، أو لأصل جزئي، جاز بناء الأحكام عليها، وإلا فلا، ونسبه ابن برهان في الوجيز للشافعي، وقال: إنه المختار"[3].
الدليل الثالث: قال إمام الحرمين: "ذهب الشافعي ومعظم أصحاب أبي حنيفة إلى اعتماد الاستدلال، وإن لم يستند إلى حكم متفق عليه في أصل، ولكنه لا يستجيز النأي، والبعد والإفراط، إنما يسوغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقاً، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول قارة في الشريعة"[4].
الدليل الرابع: ما ذكره إمام الحرمين أيضاً فإنه قال: "وأما الشافعي فإنه [1] انظر: الرسالة ص 505، وذكره معناه في الأم 7/301. [2] انظر: المصلحة في التشريع الإسلامي ص 42، وضوابط المصلحة ص 378. [3] انظر: البحر المحيط 3/240. [4] انظر: البرهان 2/1114.