أحد الأسباب التي عدل على ضوئها بعض آرائه وغير فيها"[1].
وإليك بعض الفروع التي كان اعتماد الشافعية فيها على اعتبار المناسب المرسل.
1 - ما نقله الربيع[2] عن الإمام الشافعي أنه قال: "الرجوع عن الشهادات ضربان، فإذا شهد الشاهدان أو الشهود على رجل بشيء يتلف من بدنه أو ينال مثل قطع أو جلد أو قصاص في قتل أو جرح، وفعل ذلك به ثم رجعوا فقالوا: عمدنا أن ينال ذلك منه، فهي كالجناية عليه، ما كان فيه من ذلك قصاص خير بين أن يقتص، أو يأخذ العقل، وما لم يكن فيه قصاص أخذ فيه العقل وعزروا دون الحد"[3].
2 - وهو قريب من الأول قال: ولو شهدوا على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً، فرق بينهما الحاكم ثم رجعوا ألزمهم الحاكم صداق مثلها، إن كان دخل بها، وإن لم يكن دخل بها غرمهم نصف صداق، مثلها لأنهم حرموها عليه، ولم يكن لها قيمة إلا مهر مثلها، ولا التفت إلى ما أعطاها قل أو كثر، إنما التفت إلى ما التفتوا عليه، فاجعل له قيمة[4].
فالقول بالقصاص من الشهود بما نيل من المشهود عليه بسبب شهادتهم إذا اعترفوا بأن شهادتهم عليه كانت زوراً لقصد أن ينال منه، وتغريمهم ما فات عليه بسبب شاهدتهم لم يدل عليه نص معين، وإنما هو مصلحة اقتضتها عصمة الدم والمال، والأخذ بها ملائم لتصرفات الشرع، إذ لو لم يؤخذ بها لكان كل من أراد [1] انظر: المصلحة في التشريع الإسلامي ص 42-43. [2] هو: الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم صاحب الإمام الشافعي، وراوية علمه، الإمام الحافظ الثقة الثبت في روايته، محدث الديار المصرية، ولد سنة 174هـ سمع من ابن وهب، وشعيب ابن الليث، وبشير بن بكر وغيرهم، وسمع منه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، توفي سنة 270هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/586، وطبقات الشافعية لابن السبكي 2/132-134. [3] انظر: الأم للشافعي 7/55. [4] انظر: الأم 7/55.