[3] - ما ذكره صاحب التوضيح ونصه: "أنا نعني به - يعني الاستحسان - دليلاً من الأدلة المتفقة عليها يقع في مقابلة القياس الجلي، فلا يمكن إنكاره لأنه إما من باب الأثر ... وإما من باب الإجماع، أو الضرورة، وإما بالقياس الخفي[1].
فمعنى كلام الكرخي أنه قد "يجيء الحكم مخالفاً لقاعدة مطردة لأمر يجعل الخروج عن القاعدة أقرب إلى الشرع من الاستمساك بالقاعدة، فيكون الاعتماد عليه أقوى استدلالاً في المسألة من القياس.
ويصوران الاستحسان كيف ما كانت صوره وأقسامه، يكون في مسألة جزئية ولو نسبياً في مقابلة قاعدة كلية، فيلجأ إليه الفقيه في هذه الجزئية لكيلا يؤدي إلى الإغراق في القاعدة إلى الابتعاد عن الشرح في روحه ومعناه"[2].
وأما قول شمس الأئمة السرخسي: "إنه الأخذ بما هو أرفق بالناس، وأنه طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام"، فإنه تنبيه على أن معظم الأحكام التي أخذ بها كثير من الأئمة استصلاحاً خرجت مخرج الاستحسان عند أبي حنيفة عن القاعدة العامة، وذلك لأمر يجعل الخروج عن القاعدة أقرب إلى الشرع.
ولذا قال: "وحاصل هذه العبارات أنه ترك العسر لليسر، وهو أصل الدين" ثم استدل على ذلك بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [3].
ويقول: "إن المرأة عورة ثم أُبيح النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضرورة، فكان ذلك أرفق بالناس". [1] انظر: التوضيح مع التلويح 2/81 - 82. [2] انظر: أبو حنيفة ص 389. [3] سورة البقرة آية: 185.