أو جنس المصلحة في عين الحكم، أو جنسه، لكن بشرط الضرورية والكلية فيها، على ما تقدم عند قائله أي المرسل وهو الغزالي.
فإن قلت: المثال حنفي، والحنفي يمنع المرسل، فكيف يتم على قوله؟
قلنا: سبق أنه يجب القول بعملهم ببعض ما يسمى مرسلاً عند الشافعية، ويدخل ذلك في المؤثر عند الحنفية كما سيظهر[1].
ووجه دخوله في المؤثر هو أن المؤثر عند الحنفية هو - كما في مسلم الثبوت -: الوصف المناسب الملائم عند العقول الذي ظهر تأثيره شرعاً، بأن يكون لجنسه تأثير في عين الحكم كإسقاط الصلاة الكثيرة بالإغماء، فإن لجنسه الذي هو العجز عن الأداء من غير حرج تأثيراً في سقوطها كما في الحائض، أو في جنسه كإسقاطها عن الحائض بالمشقة وقد أسقطت مشقة السفر الركعتين، فقد أثر جنس المشقة في جنس السقوط أو بأن يكون لعينه تأثير في جنس الحكم كالأخوة لأب وأم في قياس التقدم في ولاية النكاح، وقد تقدم هذا الأخ في الميراث، فقد أثر في مطلق التقدم أو يكون لعينه تأثير في عينه، أي الحكم وذلك كثير في الأقيسة الجزئية[2].
"وإذا كان هذا هو معنى التأثير عند الحنفية فإن ملائم المرسل حجة عندهم، ذلك لأنهم عرفوا ملائم المرسل بأنه الوصف الذي لم يثبت الحكم معه في أصل ما، ولم يثبت بنص ولا إجماع اعتبار عينه في عين الحكم ولكن قام النص أو الإجماع على اعتبار وصف من جنسه في حكم من جنس الحكم الذي يوجهه، وكأن اعتبار الشارع للوصف الذي من جنسه في الحكم الذي من جنس حكمه اعتبار لجنس الوصف في جنس الحكم.
وهذا التعريف لملائم المرسل يجعل شرط التأثير متوفراً فيه، ذلك أن الحنفية لا يطلبون في التأثير أن يدل النص أو الإجماع على أن عين الوصف مناط لعين الحكم فقط، بل يدخلون فيه دلالة النص أو الإجماع على أن جنس الوصف مناط ومؤثر [1] انظر: التقرير والتحبير 3/156. [2] انظر: فوات الرحموت مع المستصفى 20/267.