شرطاً في كونها مرسلة، ولا شرطاً زائداً في قبول الاحتجاج بها؛ لأن المصلحة المناقضة للشرع مصلحة ملغاة، ولذا فهو يقول: "كل معنى مناسب للحكم مطرد في أحكام الشرع، لا يرده أصل مقطوع به مقدم عليه من كتاب أو سنة أو إجماع، فهو مقول به، وإن لم يشهد له أصل معين"[1].
فالمصلحة عنده راجعة إلى مقاصد الشرع، ومقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع، يدل لهذا قوله:
"فإن قيل: قد ملتم في أكثر هذه المسائل إلى القول بالمصالح، ثم أوردتم هذا الأصل في جملة الأصول الموهومة، فليلحق هذا بالأصول الصحيحة ليصير أصلاً خامساً بعد الكتاب والسنة، والإجماع والعقل.
قلنا: هذا من الأصول الموهومة، إذ من ظن أنه أصل خامس فقد أخطأ، لأنا رددنا المصلحة إلى حفظ مقاصد الشرع، ومقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع، فكل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع، وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع، فهي باطلة مطرحة، ومن صار إليها فقد شرع كما أن من استحسن فقد شرع، وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصوداً بالكتاب والسنة والإجماع، فليس خارجاً عن هذه الأصول، لكنه لا يسمى قياساً، بل مصلحة مرسلة، إذ القياس أصل معين، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا بدليل واحد، بل بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات، تسمى لذلك مصلحة مرسلة"[2].
فالمصلحة على هذا عنده ليست دليلاً زائداً على الكتاب والسنة والإجماع، بل طريق من طرق الاستدلال التي تعتمد على النصوص.
وإذا أريد بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع فهي حجة قطعية لا ينبغي [1] انظر: المنخول ص 364. [2] انظر: المستصفى 1/310 - 311.