الصلاح وجمع الأحكام من التفرق، وائتلافها عن الاختلاف يحب أن يكون جائزاً إن لم يكن متعيناً".
وقال: "فوجب أن يكون تقديم رعاية المصالح على باقي أدلة الشرع من مسائل الاجتهاد على أقل أحواله، وإلا فهو راجح متعين كما ذكرنا"[1].
مناقشة الأدلة:
أما الوجه الأول، فيرد عليه أن ما ادعاه من أن منكري الإجماع قالوا برعاية المصلحة، فإنه غير مسلم، لأن الشيعة "لا يقولون برعاية المصلحة، لأنها رأي، والدين لا يقال بالرأي، وإنما يتلقى من معصوم ... فليس إذاً أنهم يقولون برعاية المصالح.
وأما النظام[2] فلسنا ندري من أين للطوفي أنه يقول برعاية المصالح، مع أن الجاحظ[3] قد نقل عنه أنه يجوز أن تجتمع الأمة كلها على ضلالة من جهة الرأي والقياس، وأنه كما لم يؤمن بالإجماع لعدم إمكانه لم يؤمن به لهذا الجواز؛ إذ كان قليل الإيمان بالقياس والرأي، وواضح أن رعاية المصلحة تعتمد - قبل كل شيء - على القياس والرأي، فكيف إذا كان يقول بها"[4]. [1] انظر: نفس المصدر السابق ص 232. [2] هو: إبراهيم بن يسار بن هاني البصري، المكنى بأبي إسحاق، الملقب بالنظام، قيل: لنظم كلامه، وقيل: لنظمه الشعر، أحد أئمة المعتزلة، وإليه تنسب الفرقة النظامية، أخذ الكلام عن أبي الهذيل العلاف، كان قوى المعارضة في المناظرة، شديد الإفحام في الخصومة، وله مذهب خاص بسبب أن ثقافته كانت مزيجاً من آراء المعتزلة، والفلاسفة، ومذهب المانوية المجوس، مما جعل لمذهبه ميزات خاصة، ولد سنة 185هـ، له مؤلفات في الفلسفة، مات سنة 221هـ، على ما قاله صاحب الفتح المبين في طبقات الأصوليين في 1/141، وقال الزركلي مات سنة 231. انظر: الأعلام 1/36. [3] هو: عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن، شرف الدمياطي، أبو أحمد، وأبو محمد كما يعرف بابن الجامد، تشاغل أولاً بالفقه، ثم طلب الحديث، سمع بالإسكندرية والقاهرة والحرمين، وكتب الكثير وبالغ في الجمع، وحدث وأملى، وكتب عنه وصنف في الصلاة الوسطى والحيل والسيرة النبوية وغيرها، قال فيه الذهبي: "إنه كان فصيحاً لغوياً مقرئاً جيد العبارة كبير النفس، صحيح الكتب، مفيداً جيد المذاكرة"، ومات سنة 705هـ بعد أن عمر.
انظر: الدرر الكامنة 2/417 - 418، نقلاً عن المصلحة في التشريع ص 74. [4] انظر: المصلحة في التشريع الإسلامي ص 153.