ما في السنة ليس في الكتاب، تقدم[1] توجيه دلالة النصوص على أن في السنة من التشريع مالم يتعرض له القرآن نفياً أو إثباتاً. ويرد على الجواب الأول مما أجابوا به عن دليل الجمهور الثالث والرابع بأن ما استدلوا به مما نقلوه عن عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن يزيد، وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم- فإنما يدل على وجوب اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بامتثال ما يأمر به واجتناب ما ينهى عنه، لأن قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [2]الآية، لا يدل بمنطوقه أو مفهومه على لعن الواشمة والمستوشمة… إلخ، وإنما يدل على لزوم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، واتباعه صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به محل اتفاق.
ويجاب على الدليل الثاني عن دليل الجمهور الثالث والرابع: بأن ما استدلوا به من أن السنة بيان لما أجمل ذكره من الأحكام ... إلخ. يقال فيه: إن الخلاف فيما أثبتته السنة مما لم يتعرض له القرآن نفياً أو إثباتاً، أما ما كان داخلاً تحت نصوصه فلا خلاف فيه.
وما رووه عن عمران بن حصين وغيره، لا يرد علينا، لأنا لا نرى الاكتفاء بالقرآن، وعدم الاحتجاج بالسنة، بل نرى أن السنة بيان للقرآن فيما يمكن أن يدخل تحت منطوقه أو مفهومه، وأما ما لا يمكن دخوله [1] انظر: ص: 42 من هذا البحث فما بعدها. [2] سورة الحشر آية: 7.