responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 128
الصَّلَاةِ مِنْ الْجَمِيعِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوْصُوفِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ لَا بِحَسَبِ الْوَضْعِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُجَوِّزِينَ تَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَقَدْ أَوْرَدُوا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ قِبَلِنَا إشْكَالًا فَاسِدًا، وَهُوَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَإِنَّ الْفِعْلَ مُتَعَدِّدٌ بِتَعَدُّدِ الضَّمَائِرِ فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ لَفْظَ يُصَلِّي، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّعَدُّدَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا بِحَسَبِ اللَّفْظِ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى هَذَا، وَهَذَا الْإِشْكَالُ مِنْ قِبَلِنَا فَاسِدٌ لِأَنَّا لَا نُجَوِّزُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِي صُورَةِ تَعَدُّدِ الضَّمَائِرِ أَيْضًا فَتَكُونُ الْآيَةُ مِنْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ لَنَا أَنَّ فِي الْآيَةِ لَمْ يُوجَدْ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ لِإِيجَابِ اقْتِدَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَمَلَائِكَتِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الصَّلَاةِ مِنْ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْحَمُ النَّبِيَّ وَالْمَلَائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُدْعُوا لَهُ لَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي غَايَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَلَامِ، وَعَدَمَ إيجَابِ الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ اخْتِلَافِ مَعَانِي الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْإِيجَابِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَا رَكَاكَةَ فِي مِثْلِ قَوْلِنَا إنَّ السُّلْطَانَ قَدْ أَطْلَقَ زَيْدًا أَوْ الْأَمِيرَ قَدْ خَلَعَ عَلَيْهِ فَاخْدِمُوهُ، وَعَظِّمُوهُ أَيُّهَا الرَّعَايَا فَكَذَا الْمُرَادُ هَاهُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْحَمُ النَّبِيَّ، وَيُوَصِّلُ إلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ يُعَظِّمُونَهُ بِمَا فِي وُسْعِهِمْ فَأْتُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَكَانَ كَلَامًا حَسَنًا.
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا بَيَّنُوا) يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ اخْتِلَافِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ عِنْدَ بَيَانِ اخْتِلَافِ الْمَعْنَى حَيْثُ قَالُوا الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ النَّاسِ دُعَاءٌ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَعْنَى الصَّلَاةِ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوْصُوفِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَوْضَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَلْزَمَ الِاشْتِرَاكُ.
(قَوْلُهُ: هَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِإِيجَابِ اتِّحَادِ مَعْنَى الصَّلَاةِ فِي الْآيَةِ بَلْ اكْتَفَى بِمَنْعِ اشْتِرَاكِ لَفْظِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، وَتَجْوِيزِ أَنْ يُرَادَ بِهِ فِي الْكُلِّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ الْمَجَازُ.
(قَوْلُهُ: إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالسُّجُودِ الِانْقِيَادُ فِي الْجَمِيعِ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِالِانْقِيَادِ امْتِثَالُ أَوَامِرِ التَّكَالِيفِ، وَنَوَاهِيهَا عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ فَهُوَ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِنْ أُرِيدَ امْتِثَالُ حُكْمِ التَّكْوِينِ، وَالتَّسْخِيرِ أَوْ مُطْلَقُ الْإِطَاعَةِ أَعَمُّ مِنْ هَذَا، وَذَاكَ فَشُمُولُهُ لِجَمِيعِ النَّاسِ ظَاهِرٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِمَعْنًى آخَرَ يَخُصُّهُمْ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ أَوْ امْتِثَالِ التَّكَالِيفِ فَالْأَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ مِنْ أَنَّهَا عَلَى حَذْفِ الْفِعْلِ أَيْ وَيَسْجُدُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّجُودِ الْأَوَّلِ الِانْقِيَادُ، وَالْخُضُوعُ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى شُمُولِهِ جَمِيعَ النَّاسِ ذِكْرُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَبِالثَّانِي سُجُودُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست