responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 129
الرَّكَاكَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مَعْنًى حَقِيقِيًّا أَوْ مَعْنًى مَجَازِيًّا أَمَّا الْحَقِيقِيُّ فَهُوَ الدُّعَاءُ فَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ تَعَالَى يَدْعُو ذَاتَه بِإِيصَالِ الْخَيْرِ إلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ مِنْ لَوَازِمِ هَذَا الدُّعَاءِ الرَّحْمَةُ فَاَلَّذِي قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ فَقَدْ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى لَا أَنَّ الصَّلَاةَ وُضِعَتْ لِلرَّحْمَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي قَوْله تَعَالَى {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] أَنَّ الْمَحَبَّةَ مِنْ اللَّهِ إيصَالُ الثَّوَابِ، وَمِنْ الْعَبْدِ طَاعَةٌ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَحَبَّةَ مُشْتَرَكَةٌ مِنْ حَيْثُ الْمَوْضُوعُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَحَبَّةِ لَازِمَهَا، وَاللَّازِمُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ، وَمِنْ الْعَبْدِ هَذَا، وَأَمَّا الْمَجَازِيُّ فَكَإِرَادَةِ الْخَيْرِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَقَامِ ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ الِاشْتِرَاكِ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَلَمَّا بَيَّنُوا اخْتِلَافَ الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَوْصُوفِ لَا أَنَّ مَعْنَاهُ مُخْتَلِفٌ وَضْعًا، وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ تَفَرَّدْت بِهِ، وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الحج: 18] الْآيَةَ حَيْثُ نَسَبَ السُّجُودَ إلَى الْعُقَلَاءِ، وَغَيْرِهِمْ كَالشَّجَرِ، وَالدَّوَابِّ فَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِ الْعُقَلَاءِ يُرَادُ بِهِ الِانْقِيَادُ لَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا نُسِبَ إلَى الْعُقَلَاءِ يُرَادُ بِهِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: 18] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّجُودِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْإِنْسَانِ هُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الِانْقِيَادَ لَمَا قَالَ {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: 18] لِأَنَّ الِانْقِيَادَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ أَقُولُ تَمَسُّكُهُمْ بِهَذِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّاعَةِ، وَالْعِبَادَةِ، وَهُوَ غَيْرُ شَامِلٍ لِجَمِيعِ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا لَا يَبْعُدُ) هَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السُّجُودِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ لَا وَضْعُ الرَّأْسِ حَتَّى لَوْ وَضَعَ الرَّأْسَ مِنْ جَانِبِ الْقَفَا لَمْ يَكُنْ سَاجِدًا، وَلَوْ سَلَّمَ فَإِثْبَاتُ حَقِيقَةِ الرَّأْسِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَالسَّمَاوِيَّاتِ مَثَلًا مِنْ الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَغَيْرِهِمَا مُشْكِلٌ، وَلَوْ سُلِّمَ فَفِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْخَفِيِّ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ أَلَمْ تَرَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْكُمُ بِاسْتِحَالَتِهِ) فِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِاسْتِحَالَتِهِ مِنْ الْجَمَادَاتِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ أَنْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنْ لَيْسَ لَهَا وُجُوهٌ، وَلَا جِبَاهٌ كَمَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِاسْتِحَالَةِ الْمَشْيِ بِالْأَرْجُلِ، وَالْبَطْشِ بِالْأَيْدِي، وَالنَّظَرِ بِالْأَعْيُنِ بِخِلَافِ التَّسْبِيحِ فَإِنَّهُ أَلْفَاظٌ، وَحُرُوفٌ لَا يَمْتَنِعُ صُدُورُهَا عَنْ الْجَمَادَاتِ بِإِيجَادِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ كَمَا رُوِيَ عَنْ الْحَصَا، وَالْجِذْعِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْأَعْضَاءِ، وَالْجَوَارِحِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ مُحْكَمَ التَّنْزِيلِ نَاطِقٌ بِهَذَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى شَهَادَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْجَوَارِحِ، لَا إلَى حَقِيقَةِ التَّسْبِيحِ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْأُلُوهِيَّةِ وَالْوَحْدَانِيَّة، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ مُحْكَمًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمُحْكَمِ الْمُتَّضِحُ الْمَعْنَى، وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ لَا تَفْقَهُونَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ حَقِيقَةَ التَّسْبِيحِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَفْقَهُونَ هَذِهِ الدَّلَالَةَ، وَلَا يَعْرِفُونَهَا لِإِخْلَالِهِمْ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست