responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 384
تَوْجِيهُ السُّؤَالِ أَنَّكُمْ شَرَطْتُمْ بَقَاءَ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، وَالنِّصَابُ شَرْطُ لِلْيُسْرِ فَيَجِبُ أَنْ يُشْتَرَطَ بَقَاءُ النِّصَابِ لِلْوُجُوبِ فِي الْبَعْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْبَاقِي إذَا هَلَكَ بَعْضُ النِّصَابِ. فَنُجِيبُ بِأَنَّ النِّصَابَ مَا شُرِطَ لِلْيُسْرِ بَلْ لِلتَّمَكُّنِ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَا فِيهِ.
(قُلْنَا النِّصَابُ مَا شُرِطَ لِلْيُسْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَنِسْبَتُهُ إلَى كُلِّ الْمَقَادِيرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُمَكِّنَةِ لَا يُنَاقِضُ تَفْسِيرَهَا بِسَلَامَةِ الْآلَاتِ وَالْأَسْبَابِ عَلَى مَا زَعَمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ مَا تُوجِبُ الْيُسْرَ عَلَى الْأَدَاءِ) أَيْ: يُسْرَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ يَسَّرَ الْأَدَاءَ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ الْإِمْكَانُ بِالْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ فَهِيَ كَرَامَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ، وَلِهَذَا اُشْتُرِطَتْ فِي أَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي أَدَاؤُهَا أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ كَالنَّمَاءِ فِي الزَّكَاةِ، فَإِنَّ الْأَدَاءَ مُمْكِنٌ بِدُونِهِ إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ أَيْسَرَ حَيْثُ يُنْتَقَصُ أَصْلُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَفُوتُ بَعْضُ النَّمَاءِ، ثُمَّ الْقُدْرَةُ الْمُمَكِّنَةُ لَمَّا كَانَتْ شَرْطًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ، وَإِحْدَاثِهِ كَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْعِلِّيَّةِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ إذْ الْبَقَاءُ غَيْرُ الْوُجُودِ، وَشَرْطُ الْوُجُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِلْبَقَاءِ كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ شَرْطٌ لِلِانْعِقَادِ دُونَ الْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْمُيَسِّرَةِ، فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ مَعْنَى الْعِلِّيَّةِ، لِأَنَّهَا غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ إذْ جَازَ أَنْ يَجِبَ بِمُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ لَكِنْ بِصِفَةِ الْعُسْرِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ وَأَوْجَبَتْهُ بِصِفَةِ الْيُسْرِ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُهَا نَظَرًا إلَى مَعْنَى الْعِلِّيَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْحُكْمِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْيُسْرُ بِدُونِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَبْقَى بِدُونِ صِفَةِ الْيُسْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلِهَذَا اُشْتُرِطَ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ دُونَ الْمُمَكِّنَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ النَّظَرِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ إذْ الْفِعْلُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْإِمْكَانِ وَيُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْيُسْرِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) يَعْنِي بَعْدَمَا تَمَكَّنَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ لَمْ يَبْقَ الْوُجُوبُ لِعَدَمِ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ هَلَكَ الْمَالُ كَمَا تَمَّ الْحَوْلُ فَلَا ضَمَانَ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ قِيلَ فَفِي صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ بِأَنْ يُنْفِقَ الْمَالَ فِي حَاجَتِهِ أَوْ يُلْقِيَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَدْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ، فَجَوَابُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ إنَّمَا كَانَ نَظَرًا لِلْمُكَلَّفِ، وَقَدْ خَرَجَ بِالتَّعَدِّي عَنْ اسْتِحْقَاقِ النَّظَرِ لَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ عَنْهُ، أَوْ نَقُولُ نَجْعَلُ الْقُدْرَةَ الْمُيَسِّرَةَ بَاقِيَةً تَقْدِيرًا زَجْرًا عَلَى الْمُتَعَدِّي وَرَدًّا لِمَا قَصَدَهُ مِنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَنْهُ نَفْسِهِ وَنَظَرًا لِلْفَقِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَا فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ بَلْ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست